للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فَقُلْت: إنِّي ضَرَبْت لِلسَّلَمِ أَجَلَ شَهْرَيْنِ، وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: لَمْ تَضْرِبْ لِلسَّلَمِ أَجَلًا يُرِيدُ فَسَادَهُ، أَوْ قَالَ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ الدَّرَاهِمَ: لَمْ يَضْرِبْ لِلسَّلَمِ أَجَلًا، وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ: قَدْ ضَرَبْنَا لِلسَّلَمِ أَجَلًا؟ .

قَالَ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَالْحَلَالَ مِنْهُمَا، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ وَالْحَرَامَ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ أُحْلِفَ الَّذِي يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ تَنَاقَدَا السَّلَمَ وَاخْتَلَفَا فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ؟ .

قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي مِائَةِ إرْدَبِّ حِنْطَةٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ: لَمْ أَقْبِضْ رَأْسَ الْمَالِ مِنْك إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ قَالَ كُنَّا شَرَطْنَا أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إنَّمَا تَدْفَعُهُ إلَيَّ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ وَقَالَ الَّذِي لَهُ السَّلَمُ: بَلْ نَقَدْتُك عِنْدَ عُقْدَةِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؟ .

قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ مِنْهُمَا.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ: أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ مَنْ حِنْطَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ أَسْلَمْت إلَيَّ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ لِثَوْبَيْنِ غَيْرِ الثَّوْبِ الْأَوَّلِ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ مَنْ حِنْطَةٍ وَأَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ؟ .

قَالَ: تَصِيرُ لَهُ الْأَثْوَابُ الثَّلَاثَةُ فِي مِائَتَيْ إرْدَبٍّ مِنْ حِنْطَةٍ لِأَنَّ بَيِّنَةَ هَذَا شَهِدَتْ عَلَى سَلَمٍ غَيْرِ مَا شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةُ هَذَا، وَكَذَلِكَ الْآخَرُ.

قُلْت: فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ جَمِيعًا أَقَامَ هَذَا عَلَى أَنِّي أَسْلَمْت إلَيْهِ هَذَا الْعَبْدَ فِي مِائَةِ إرْدَبِّ حِنْطَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ أَسْلَمْت إلَيَّ هَذَا الْعَبْدَ وَهَذَا الثَّوْبَ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ مِنْ حِنْطَةٍ قَالَ: هَذَا يَكُونُ سَلَمًا وَاحِدًا وَيَكُونُ عَلَيْهِ مِائَةُ إرْدَبٍّ مِنْ حِنْطَةٍ بِالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ جَمِيعًا لِأَنَّ بَيِّنَةَ الَّذِي شَهِدَتْ بِالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ جَمِيعًا شَهِدَتْ بِالْأَكْثَرِ، فَكَانَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى خَمْسِينَ وَشَاهِدًا عَلَى مِائَةٍ قَالَ: يَحْلِفُ مَعَ شَهَادَةِ الَّذِي شَهِدَ بِالْمِائَةِ كُلِّهَا وَيَأْخُذُ الْمِائَةَ كُلَّهَا، قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا.

قُلْت: فَلَوْ أَنِّي أَقَمْتُ الْبَيِّنَةَ أَنِّي أَسْلَمْتُ هَذَا الثَّوْبَ إلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي مِائَةِ إرْدَبِّ حِنْطَةٍ وَأَقَامَ هُوَ الْبَيِّنَةَ أَنِّي أَسْلَمْتُ إلَيْهِ ذَلِكَ الثَّوْبَ وَعَبْدِي فِي مِائَةِ إرْدَبِّ شَعِيرٍ؟

قَالَ: أَرَى أَنْ يَتَحَالَفَا وَيَتَفَاسَخَا وَيَتَرَادَّا إذَا تَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا تَكَافَأَتْ فِي أَمْرٍ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَكَافَأَ الشُّهُودُ كَانَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَقُمْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>