الَّتِي لَهُ عَلَى بَائِعِهِ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ أَحَالَ الَّذِي أَسْلَفَهُ الدَّنَانِيرَ أَوْ بَاعَهُ السِّلْعَةَ بِتِلْكَ الذَّهَبِ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ الطَّعَامَ فَأَرَادَ الَّذِي أَحَالَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ طَعَامًا أَوْ دَقِيقًا أَوْ زَبِيبًا أَوْ تَمْرًا.
قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا صِنْفُ الطَّعَامِ الَّذِي كَانَ ابْتَاعَهُ هَذَا فَلْيَأْخُذْ مِنْهُ مِثْلَ مَكِيلَتِهِ فِي صِنْفِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَمَا أَشْبَهَهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الطَّعَامِ كُلِّهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ يَجُوزُ لِبَائِعِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ.
قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْت مَالِكًا فِي غَيْرِ عَامٍ عَنْ رَجُلٍ ابْتَاعَ مَنْ رَجُلٍ طَعَامًا فَأَسْلَفَهُ رَجُلًا قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَهُ فَأَرَادَ الَّذِي قَبَضَهُ الَّذِي أَسْلَفَهُ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَهُ فِيهِ ثَمَنًا فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ وَأَرَاهُ مِنْ وَجْهِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.
قُلْت: فَلَوْ أَنَّ لِرَجُلٍ عَلَيَّ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ مَنْ سَلَمٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ اشْتَرَيْت كُرًّا مِنْ طَعَامٍ وَقُلْت لِلَّذِي لَهُ عَلَيَّ السَّلَمُ اقْبِضْهُ؟ .
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ لِأَنَّ هَذَا بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنِّي أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً فَلَمَّا حَلَّ أَجَلُهَا أَحَالَنِي عَلَى رَجُلٍ لَهُ عَلَيْهِ طَعَامٌ مَنْ قَرْضٍ مِثْلِ كَيْلِ طَعَامِي الَّذِي لِي عَلَيْهِ مِنْ سَلَمٍ أَيَجُوزُ هَذَا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ حَلَّ أَجَلُ الْقَرْضِ وَقَدْ حَلَّ أَجَلُ السَّلَمِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُ السَّلَمِ وَلَمْ يَحِلَّ أَجَلُ الْقَرْضِ فَلَا خَيْرَ فِي هَذَا حَتَّى يَحِلَّا جَمِيعًا. قُلْت: وَلَا يَكُونُ هَذَا دَيْنًا فِي دَيْنٍ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ؟
قَالَ: لَا.
قُلْت: لِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ فَسَخَ مَالَهُ مِنْ سَلَمِهِ فَصَارَتْ حِنْطَتُهُ عَلَى هَذَا الَّذِي احْتَالَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَبْقَ عَلَى الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ السَّلَمُ شَيْءٌ فَلَمْ يَصِرْ هَذَا دَيْنًا فِي دَيْنٍ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ حَلَّ أَجَلُ الطَّعَامَيْنِ جَمِيعًا وَأَحَالَنِي فَأَجَزْت الَّذِي أَحَالَنِي عَلَيْهِ أَيَجُوزُ هَذَا أَمْ لَا؟
قَالَ: لَمْ أُوقِفْ مَالِكًا عَلَى هَذَا؛ وَلَكِنَّ رَأْيِي أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي نَصْرَانِيٍّ ابْتَاعَ مِنْ نَصْرَانِيٍّ طَعَامًا فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ مَنْ مُسْلِمٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبْتَاعَهُ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنِّي أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ اشْتَرَى هُوَ مِنْ رَجُلٍ كُرَّ حِنْطَةٍ فَقَالَ لِي: اقْبِضْهُ مِنْهُ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ.
قُلْت: لِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.