قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَيْتُهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ نَقْدًا؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَلِمَ كَرِهْتَهُ إذَا أَخَذْتُهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ وَلَمْ يُجِزْهُ إلَّا أَنْ يُؤْخَذَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؟
قَالَ: لِأَنَّكَ إذَا أَخَذْتَهُ بِأَقَلَّ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ دَخَلَهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ.
قُلْتُ: وَالْمَوْضِعُ يَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ؟
قَالَ: لِأَنَّكَ إذَا أَخَذْتَهُ بِخَمْسِينَ نَقْدًا صَارَ الْبَاقِي مِنْهُمَا بِخَمْسِينَ وَصَارَ يَرُدُّ إلَيْكَ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَخَذَ مِنْكَ السَّاعَةَ نَقْدًا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَيَصِيرُ سَلَفًا وَمَعَهُ بَيْعٌ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُمَا قَالَا: إذَا بِعْتَ شَيْئًا إلَى أَجَلٍ فَلَا تَبْتَعْهُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي بِعْتَهُ مِنْهُ وَلَا مِنْ أَحَدٍ تَبِيعُهُ لَهُ إلَى دُونِ ذَلِكَ الْأَجَلِ إلَّا بِالثَّمَنِ الَّذِي بِعْتَهُ بِهِ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَبْتَاعَ تِلْكَ السِّلْعَةَ إلَى فَوْقِ ذَلِكَ الْأَجَلِ إلَّا بِالثَّمَنِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَإِذَا ابْتَاعَهُ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ ابْتَاعَهُ بِالثَّمَنِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ بِأَقَلَّ إذَا كَانَ ذَلِكَ إلَى الْأَجَلِ فَإِنْ ابْتَاعَهُ الَّذِي بَاعَهُ إلَى أَجَلٍ بِنَقْدٍ بِمِثْلِ الَّذِي لَهُ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ فَهُوَ حَلَالٌ وَإِنْ كَانَ الَّذِي ابْتَاعَهُ إلَى أَجَلٍ هُوَ يَبِيعُهُ بِنُقْصَانٍ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ النُّقْصَانَ وَلَا يُؤَخِّرَهُ إلَى مَا دُونَ الْأَجَلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْكَ تِلْكَ السِّلْعَةَ إلَيْهِ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إيَّاكَ أَنْ تَبِيعَ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ بَيْنَهُمَا جَرِيرَةٌ. وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ حِبَّانَ بْنِ عُمَيْرٍ الْقَيْسِيِّ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الْحَرِيرَةَ إلَى أَجَلٍ فَكَرِهَ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا نَقْدًا يَعْنِي بِدُونِ مَا بَاعَهَا بِهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ أُمِّ يُونُسَ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَتْ لَهَا أُمُّ مَحَبَّةَ أَمُّ وَلَدٍ لِزَيْدِ بْنِ الْأَرْقَمِ الْأَنْصَارِيِّ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَتَعْرِفِينَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ. فَقَالَتْ: نَعَمْ قَالَتْ: فَإِنْ بِعْتُهُ عَبْدًا إلَى الْعَطَاءِ بِثَمَانِمِائَةٍ فَاحْتَاجَ إلَى ثَمَنِهِ فَاشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ بِسِتِّمِائَةٍ فَقَالَتْ بِئْسَمَا شَرَيْت وَبِئْسَمَا اشْتَرَيْت، أَبْلِغِي زَيْدًا أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ لَمْ يَتُبْ قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَرَأَيْتِ إنْ تَرَكْتُ الْمِائَتَيْنِ وَأَخَذْتُ سِتَّمِائَةٍ؟ قَالَتْ: فَنَعَمْ مَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بِعْتُهُ ثَوْبًا بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَيْتُهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute