وَلِحَصَادِهِ تَأْخِيرٌ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، قَالَ: وَإِذَا كَانَ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّهُ لَيَقْرَبُ أَشْيَاءَ يُنْهَى عَنْهَا، وَلَكِنْ إذَا كَانَ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ لَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتِئْخَارٌ لِاسْتِجْدَادِ تَمْرٍ وَلَا لِحَصَادِ الْحَبِّ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا أَنْ تَأْخُذَهُ مِنْ دَيْنٍ لَكَ عَلَى صَاحِبِكَ. قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ أَيَبِيعُ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بِثَمَرَةٍ لَهُ قَدْ طَابَتْ وَحَلَّ بَيْعُهَا؟
قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَرَهُ مِثْلَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا بَاعَهُ مِنْ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ قَالَ: وَتَفْسِيرُ مَا أَجَازَ مَالِكٌ مِنْ هَذَا فِيمَا قَالَ: لِي لِأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَاشْتَرَى بِهِ مِنْهُ جَارِيَةً فَتَوَاضَعَاهَا لِلْحَيْضَةِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَيْرٌ حَتَّى يُنَاجِزَهُ. قُلْتُ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ مَنْ رَجُلٍ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ بِجَارِيَةٍ تَوَاضَعَاهَا لِلْحَيْضَةِ أَوْ بِسِلْعَةٍ غَائِبَةٍ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ لِأَنَّ هَذَا لَا يُنْقَدُ فِي مِثْلِهِ وَهَذَا لَمْ يَنْقُدْ شَيْئًا، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَأَخَذَ بِهِ مِنْهُ سِلْعَةً غَائِبَةً قَالَ لِي مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ سِلْعَةً لَهُ غَائِبَةً بِدَيْنٍ لِلْمُبْتَاعِ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ هَذَا أَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ عَلَى صَاحِبِهِ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ إلَّا بِأَمْرٍ يُنَاجِزُهُ وَإِلَّا كَانَ كُلُّ تَأْخِيرٍ فِيهِ مِنْ سِلْعَةٍ كَانَتْ غَائِبَةً أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً يَتَوَاضَعَانِهَا لِلْحَيْضَةِ يَصِيرُ صَاحِبُ الدَّيْنِ يَجُرُّ بِذَلِكَ فِيمَا أَنْظَرَ وَأَخَّرَ فِي ثَمَنِ سِلْعَتِهِ مَنْفَعَةً، وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَاعَ السِّلْعَةَ الْغَائِبَةَ بِدَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَوْ بَاعَ ثَمَرًا قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ بِدَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ لَمْ يَجُرَّ إلَى نَفْسِهِ مَنْفَعَةً إلَّا بِمَا فِيهِ الْمُنَاجَزَةُ إنْ أَدْرَكْت السِّلْعَةَ قَائِمَةً كَانَ الْبَيْعُ لَهُ ثَابِتًا وَلَمْ يَكُنْ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ النَّقْدُ، فَيَكُونُ إنَّمَا أَخَّرَ ذَلِكَ لِمَكَانِهِ، وَالثَّمَرَةُ كَذَلِكَ قَدْ اسْتَنْجَزَهَا مِنْهُ وَصَارَ حَقُّ صَاحِبِ الثَّمَرَةِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الرَّجُلِ الْآخَرِ قَالَ: وَهَذَا أَصْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا قُلْتُ: لَكَ وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ.
قَالَ سَحْنُونٌ: أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ كَانَ لَكَ عَلَى غَرِيمٍ نَقْدًا فَلَمْ تَقْبِضْهُ أَوْ إلَى أَجَلٍ فَحَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ فَلَا تَبِعْهُ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَتُؤَخِّرْهُ عَنْهُ فَإِنَّكَ إذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرْبَيْتَ عَلَيْهِ وَجَعَلْتَهُ رَبًّا ذَلِكَ فِي سِعْرٍ بَلَغَهُ لَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُعْطِيَكَهُ إلَّا بِنَظْرَتِكَ إيَّاهُ وَلَوْ بِعْتَهُ بِوَضْعِيَّةٍ مِنْ سِعْرِ النَّاسِ لَمْ يَصْلُحْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَابُ رِبًا إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْكَ فَيَنْقُدُكَ يَدًا بِيَدٍ مِثْلَ الصَّرْفِ، وَلَا يَصْلُحُ تَأْخِيرُهُ يَوْمًا وَلَا سَاعَةً.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي أَقْرَضْت رَجُلًا مِائَةَ إرْدَبٍّ مَنْ حِنْطَةٍ إلَى سَنَةٍ فَجِئْتُهُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَقُلْتُ لَهُ: اعْطِنِي خَمْسِينَ وَأَضَعُ عَنْكَ خَمْسِينَ أَيَصْلُحُ هَذَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ هَذَا لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ ضَعْ عَنِّي وَتَعَجَّلْ، وَالْقَرْضُ فِي هَذَا وَالْبَيْعُ سَوَاءٌ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute