بِالْكَفَالَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: فِي الدَّمِ الْعَمْدِ إذَا عَفَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مَالًا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مَالًا وَإِلَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي بِعْتُ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يُعْطِيَنِي حَمِيلًا رَجُلًا سَمَّاهُ لَهُ وَالرَّجُلُ غَائِبٌ؟ قَالَ: إنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً فَالْبَيْعُ جَائِزٌ إنْ رَضِيَ فُلَانٌ أَنْ يَتَحَمَّلَ بِالثَّمَنِ، قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً فِي ذَلِكَ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَبَى فُلَانٌ أَنْ يَتَحَمَّلَ بِالثَّمَنِ؟
قَالَ: فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْبَيْعَ وَلَا حَمِيلَ لَهُ بِحَقِّهِ وَإِنْ شَاءَ أَبْطَلَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بِعْتُ عَبْدًا لِي مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَرْهَنَنِي مِنْ حَقِّي عَبْدًا لَهُ غَائِبًا؟ قَالَ: الْبَيْعُ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً غَائِبَةً بِسِلْعَةٍ حَاضِرَةٍ وَتُوقَفُ الْحَاضِرَةُ فَإِنْ وُجِدَتْ الْغَائِبَةُ بِحَالِ مَا كَانَتْ تُعْرَفُ جَازَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: الْمُشْتَرِي حِينَ تَلِفَ الْعَبْدُ الَّذِي سَمَّاهُ رَهْنًا أَنَا أُعْطِيَك مَكَانَ الْعَبْدِ رَهْنًا وَثِيقَةً مِنْ حَقِّكَ وَلَا تَنْقُضْ الْبَيْعَ أَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُنْظَرُ إلَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي هَاهُنَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ إلَى الْبَائِعِ إنْ شَاءَ قَبِلَ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ لِأَنَّهُ لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ رَجُلًا سِلْعَتَهُ عَلَى أَنْ يُرْهِنَهُ عَبْدًا بِعَيْنِهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَلَمَّا رَهَنَهُ إيَّاهُ قَالَ صَاحِبُ الْعَبْدِ: أَنَا أَحْتَاجُ إلَى عَبْدِي وَأَخَافُ عَلَيْهِ الْفَوْتَ وَهَذِهِ دَارٌ أُرْهِنُكَ إيَّاهَا ثِقَةً مِنْ حَقِّكَ، وَالدَّارُ خَيْرٌ مِنْ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُرْتَهِنُ كَذَلِكَ؟
قَالَ مَالِكٌ: فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ إنَّمَا بَاعَ عَلَى رَهْنٍ بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت سِلْعَةً مَنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ أُرْهِنُهُ عَبْدًا لِي فَفَعَلْتُ فَدَفَعْتُ إلَيْهِ الْعَبْدَ الرَّهْنَ وَأَخَذْت السِّلْعَةَ فَمَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ أَيَبْطُلُ هَذَا الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَيَكُونُ جَائِزًا وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْكَ بِرَهْنٍ آخَرَ وَيَكُونُ حَقُّهُ عَلَيْكَ إلَى أَجَلِهِ إنْ كَانَ لِذَلِكَ أَجَلٌ أَوْ حَالًّا إذَا لَمْ تَكُونُوا سَمَّيْتُمْ أَجَلًا.
قُلْتُ: فَاَلَّذِي اشْتَرَى عَلَى أَنْ يُرْهِنَهُ عَبْدَهُ فَهَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ لِمَ أَبْطَلْتَ الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا إذَا أَرَادَ ذَلِكَ الْبَائِعُ، وَلِمَ لَا تَجْعَلُ الْبَيْعَ جَائِزًا بِمَنْزِلَةِ الَّذِي قَبَضَ الرَّهْنَ فَمَاتَ عِنْدَهُ؟
قَالَ: لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا بَاعَهُ عَلَى أَنْ يُوصَلَ إلَيْهِ الرَّهْنُ، فَهُوَ لَمَّا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ، قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ فَلَّسَ الرَّجُلُ الْمُبْتَاعُ صَاحِبُ الْعَبْدِ الَّذِي سَمَّاهُ رَهْنًا وَالْعَبْدُ غَائِبٌ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ الَّذِي اشْتَرَطَهُ رَهْنًا أَحَقَّ بِهِ وَكَانَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ رَهْنٌ غَيْرُ مَقْبُوضٍ وَإِنَّمَا بَاعَهُ عَلَى أَنْ يُوصِلَهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الرَّهْنِ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute