قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَحَدَثَ بِهَا عَيْبٌ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا أَوْ بَعْدَ مَا قَبَضَهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ بِهَا عِنْدَ الْبَائِعِ بَاعَهَا بِهِ؟
قَالَ: إنْ شَاءَ رَدَّهَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.
قُلْتُ: وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهَا وَيُوضَعَ عَنْهُ قِيمَةَ الْعَيْبِ الَّذِي بَاعَهَا وَهُوَ بِهَا؟
قَالَ: لَا.
قُلْتُ: وَلِمَ وَقَدْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ بَعْد مَا اشْتَرَاهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَهُوَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا خِيَارٌ فَحَدَثَ بِهَا عَيْبٌ بَعْدَ الشِّرَاءِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ بِهَا عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ يَرُدَّهَا وَمَا نَقَصَ؟
قَالَ: لَا لِأَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي أَصَابَهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ أَوْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْبَائِعِ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا، فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِذَلِكَ الْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ فِي الْخِيَارِ وَفِي الِاسْتِبْرَاءِ، فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ هَاهُنَا إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَدَعَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي لَمَّا ظَهَرَ عَلَى الْعَيْبِ الَّذِي دَلَّسَ لَهُ الْبَائِعُ وَقَدْ كَانَ أَصَابَهَا عَيْبٌ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَأَصَابَهَا عِنْدَهُ بَعْدَمَا قَبَضَهَا وَخَرَجَتْ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ عَيْبٌ آخَرُ مُفْسِدٌ فَأَرَادَ أَنْ يَحْبِسَهَا وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ الْبَائِعُ؟ قَالَ: يُنْظَرُ إلَى الْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، فَإِنْ كَانَ عَوَرًا قِيلَ مَا قِيمَةُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ وَهِيَ عَوْرَاءُ يَوْمَ وَقَعَتْ الصَّفْقَةُ بِغَيْرِ الْعَيْبِ الَّذِي دَلَّسَهُ الْبَائِعُ وَقِيمَتُهَا بِالْعَيْبِ الَّذِي دَلَّسَهُ الْبَائِعُ يَوْمَئِذٍ أَيْضًا فَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فَيُطْرَحُ مِنْ الثَّمَنِ حِصَّةُ الْعَيْبِ الَّذِي دَلَّسَ الْبَائِعُ.
فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ نَظَرَ إلَى الْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَهُ كَمْ يَنْقُصُ مِنْهَا يَوْمَ قَبَضَهَا فَيَرُدُّ ذَلِكَ مَعَهَا وَلَا يَنْظُرُ إلَى الْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا مِثْلُ الْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: إنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَأْخُذَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ وَإِلَّا فَارْدُدْ وَلَا شَيْءَ لَكَ، إنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ الَّذِي يَحْدُثُ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَيْبِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ الْبَائِعُ وَقَدْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ آخَرُ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالْعَيْبَيْنِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: أَنَا آخُذُهَا وَأَرْجِعُ بِالْعَيْبِ الَّذِي دَلَّسَهُ لِي الْبَائِعُ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ مِنْ الْبَائِعِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت بِئْرًا عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ فَانْخَسَفَتْ الْبِئْرُ فِي أَيَّامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute