كِتَابُ التَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ فِي الْعَبْدِ يُشْتَرَى وَيُدَلَّسُ فِيهِ بِعَيْبٍ وَيُحْدَثُ فِيهِ عَيْبٌ آخَرُ قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت عَبْدًا بِدَنَانِيرَ فَأَصَابَهُ عِنْدِي عَيْبٌ ثُمَّ ظَهَرْتُ عَلَى عَيْبٍ دَلَّسَهُ لِي الْبَائِعُ أَلِي أَنْ أَرُدَّهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ .
قَالَ: نَعَمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ الَّذِي أَصَابَهُ عِنْدَكَ مُفْسِدًا مِثْلُ الْقَطْعِ وَالْعَوَرِ وَالشَّلَلِ وَالْعَمَى وَشِبْهِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي أَصَابَهُ عِنْدَكَ مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ كُنْتَ مُخَيَّرًا فِي أَنْ تَرُدَّ الْعَبْدَ وَتَغْرَمَ بِقَدْرِ مَا أَصَابَهُ عِنْدَكَ مِنْ الْعَيْبِ، وَإِنْ شِئْتَ احْتَسَبْتَ الْعَبْدَ وَأَخَذْتَ مِنْ الْبَائِعِ مَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: أَنَا أَقْبَلُهُ بِالْعَيْبِ الَّذِي أَصَابَهُ عِنْدَكَ وَأَرُدُّ الثَّمَنَ كُلَّهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ.
قُلْتُ: وَلِمَ كَانَ هَذَا هَكَذَا إذَا أَصَابَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ مُفْسِدٌ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقَدْرِ مَا أَصَابَهُ عِنْدَهُ مِنْ الْعَيْبِ؟
قَالَ: لِأَنَّ الْعَيْبَ إذَا كَانَ مُفْسِدًا فَأَصَابَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَهُوَ فَوْتٌ، فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ: أَنَا آخُذُهُ وَأَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الَّذِي أَصَابَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَ.
قُلْتُ: وَلِمَ لَا يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا رَدَّ الْعَبْدَ بِعَيْبٍ ظَهَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ أَصَابَهُ عِنْدَهُ عَيْبٌ غَيْرُ مُفْسِدٍ قِيمَةُ هَذَا الْعَيْبِ الَّذِي أَصَابَهُ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُفْسِدٍ؟
قَالَ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي هِيَ تَلَفٌ لِلْعَبْدِ الَّتِي تُنْقِصُهُ نُقْصَانًا كَثِيرًا وَهَذَا مِثْلُ الْحُمَّى وَالرَّمَدِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إنْ حُمَّ يَوْمًا أَوْ أَصَابَهُ رَمَدٌ أَوْ دَمَامِيلُ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ دَلَّسَهُ لَهُ الْبَائِعُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَيْبُ الَّذِي أَصَابَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَدْ نَقَصَهُ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute