الْبَائِعُ لِلثَّمَنِ فَهِيَ مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَتْ مِمَّا لَا يَتَوَاضَعُ مِثْلُهَا وَبِيعَتْ عَلَى الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ السِّلْعَةَ قَدْ وَجَبَتْ لِلْمُشْتَرِي،، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَهَا أَخَذَهَا بِعَيْبِهَا وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ فِيهَا حُجَّةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ عِتْقَهُ جَائِزٌ فِيهَا، وَأَنَّ عِتْقَ الْبَائِعِ فِيهَا غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْبَيْعَ الْفَاسِدَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَأَنَّ الْبَائِعَ لَوْ أَعْتَقَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَجَازَ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي عِتْقٌ مَعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَ قَبْلَ الْبَائِعِ، فَيَكُونَ قَدْ فَوَّتَهَا، وَفِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لَا عِتْقَ لِلْبَائِعِ مَعَ عِتْقِ الْمُشْتَرِي وَلَا عِتْقَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتِقْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ عَلَى شِرَائِهِ أَنْ يَأْخُذَهَا إنْ أَحَبَّ، وَإِنْ احْتَبَسَهَا بَعْدَ وُجُوبِ الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ: أَرَاهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ إنْ احْتَبَسَهَا بَعْدَ وُجُوبِ الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ، فَإِنْ مَاتَتْ فَهِيَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهِيَ إذَا بَاعَهَا وَبِهَا الْعَيْبُ فَاحْتَبَسَهَا بِالثَّمَنِ فَهِيَ رَهْنٌ، وَلَوْ لَمْ يَحْتَبِسْهَا لَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَكَانَ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا لِمَا أَصَابَهَا فَحَبْسُ الْبَائِعِ إيَّاهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ وَقَبْضٍ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْوُجُوبِ، فَأَرَى أَنْ كُلَّ مَا أَصَابَهَا مِنْ عَيْبٍ أَوْ مَوْتٍ، وَإِنْ كَانَ بِهَا يَوْمَ بَاعَهَا الْبَائِعُ عَيْبٌ كَانَ عِنْدَهُ، فَهِيَ مِنْ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَرُدَّهَا قَبَضَهَا مِنْ الْبَائِعِ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى يُرْجِعَهَا بِقَضَاءٍ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ يُبَرِّئَهُ مِنْهَا الْبَائِعُ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ يَقُولُ: اشْتَرَى رَجُلٌ عَبْدًا مَنْ آخَرَ فَقَالَ الَّذِي بَاعَهُ: قَدْ وَجَبَ لَكَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَدْفَعُ إلَيْك الْعَبْدَ حَتَّى تَنْقُدَنِي ثَمَنَهُ فَإِنِّي لَا آمَنُك فَانْطَلَقَ الْمُشْتَرِي يَأْتِيهِ بِثَمَنِهِ فَلَمْ يَأْتِ بِثَمَنِهِ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الَّذِي بَاعَهُ؟ .
قَالَ يَزِيدُ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: هُوَ مِنْ الَّذِي مَاتَ فِي يَدَيْهِ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: هُوَ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَوَجَبَ لَهُ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ بِقَوْلَيْهِمَا جَمِيعًا. ابْنُ وَهْبٍ.
قَالَ اللَّيْثُ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَقُولُ: مَنْ بَاعَ دَابَّةً غَائِبَةً أَوْ مَتَاعًا غَائِبًا عَلَى صِفَةٍ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يَقْبِضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ حَتَّى يَأْخُذَ الدَّابَّةَ أَوْ الْمَتَاعَ الَّذِي اشْتَرَى وَلَكِنْ يُوقَفُ الثَّمَنُ فَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ أَوْ الْمَتَاعُ عَلَى مَا وَصَفَ لَهُ الْبَائِعُ تَمَّ بَيْعُهُمَا وَأَخَذَ الثَّمَنَ. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي بَيْعِ الدَّابَّةِ الْغَائِبَةِ: إنْ أَدْرَكَتْهَا الصَّفْقَةُ حَيَّةً فَلَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ وَعَلَى ذَلِكَ بَيْعُ النَّاسِ. وَأَخْبَرَنِي عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا أَدْرَكَتْ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute