أَنْ يُخَاصِمَ بَائِعَهُ فِي الْعَيْبِ وَقَدْ بَاعَ الْعَبْدُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَرْجِعَ بِالْعَيْبِ فَكَيْفَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا خُصُومَةٌ.
قُلْتُ: فَإِنْ رَجَّعَ الْعَبْدَ إلَى الْمُشْتَرِي بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ بِهِبَةٍ أَوْ بِشِرَاءٍ أَوْ بِمِيرَاثٍ فَأَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَ الَّذِي بَاعَهُ فِي الْعَيْبِ الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِهِ يَوْمَ بَاعَهُ أَتُمَكِّنُهُ مِنْ الْخُصُومَةِ بَعْدَ مَا رَجَعَ إلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ أَشْهَبُ:، وَإِنْ كَانَ رَجَعَ إلَيْهِ بِشِرَاءِ اشْتَرَاهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْآخَرِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ رَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عُهْدَتَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَكُونُ الَّذِي يَرُدُّهُ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ فِي إمْسَاكِهِ وَفِي رَدِّهِ عَلَيْكَ؛ لِأَنَّ عُهْدَتَهُ عَلَيْكَ، فَإِنْ رَدَّهُ عَلَيْكَ بِالْعَيْبِ رَدَدْتُهُ عَلَى بَائِعِكَ الْأَوَّلِ إنْ شِئْتَ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْكَ وَرَضِيَ بِعَيْبِهِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِشَيْءٍ كَانَ مَا بَاعَهُ بِهِ أَقَلُّ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ أَكْثَرُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ مِنْ الَّذِي رَضِيَ بِعَيْبِهِ وَاحْتَبَسَهُ مِثْلَ الثَّمَنِ الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا تَبَاعَةَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ فِي يَدِهِ مِثْلُ الثَّمَنِ الَّذِي كَانَ يَرْجِعُ بِهِ أَوْ أَكْثَرُ.
قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ إنَّمَا بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهُ بِهِ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ بِمَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَيْبِ أَقَلَّ مِمَّا يَنْقُصُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الَّذِي بَاعَهُ أَخِيرًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهُ وَلَا تَبَاعَةَ لَهُ فِي الْعَيْبِ عَلَى الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَخِيرًا لِرُجُوعِهِ بِالْعُهْدَةِ الْأُولَى وَلِلْمُشْتَرِي الْآخَرِ أَنْ يَتْبَعَكَ بِالْعَيْبِ الَّذِي اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْكَ وَهُوَ بِهِ إنْ كَانَ بَاعَكَهُ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْكَ، فَيَأْخُذُكَ بِتَمَامِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْكَ وَيَأْخُذُ هَذَا الثَّمَنَ كُلَّهُ وَلَا حُجَّةَ لَكَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ صَارَ إلَيْكَ وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِكَ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ وَرَضِيَ مُشْتَرِيهِ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْكَ إلَّا بِأَقَلَّ مِمَّا نَقَصَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ مِمَّا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ قِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا رَجَعَ إلَيْهِ بِهِبَةٍ أَوْ بِصَدَقَةٍ مِنْ الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَلِلْوَاهِبِ أَوْ لِلْمُتَصَدِّقِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ فِي الثَّمَنِ الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهُ بِهِ، وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَلَا يُحَاسَبُ بِشَيْءٍ مِمَّا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ مِنْ ثَمَنِ الْوَاهِبِ أَوْ الْمُتَصَدِّقِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ الْعَبْدَ وَوَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ بَعْدَ طَرْحِ قِيمَةِ الْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ وَرِثَهُ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ وَأَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُشْتَرِي الْمَيِّتِ وَهُوَ الثَّمَنُ قَدْ صَارَ لَهُ مِيرَاثًا وَكَانَ الْعَبْدُ رَدًّا عَلَيْهِ فَهُوَ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute