للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ بَاعَ فَدَلَّسَ أَنَّهُ إنْ حَدَثَ عِنْدَهُ بِهِ عَيْبٌ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ أَهَذَا فِي جَمِيعِ السِّلَعِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَيْسَ هَكَذَا.

قُلْتُ لَكَ: إنَّمَا قُلْتُ لَكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ بَاعَ ثَوْبًا فَدَلَّسَ بِعَيْبٍ عَلِمَهُ فَقَطَعَهُ الْمُشْتَرِي إنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ مِمَّا نَقَصَهُ التَّقْطِيعُ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ وَلَمْ يُدَلِّسْ لَهُ بِالْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَ التَّقْطِيعُ.

قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِالْعَيْبِ ثُمَّ بَاعَهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ نَسِيَ الْعَيْبَ حِينَ بَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِتَدْلِيسِهِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَحْلِفُ بِاَللَّهِ إنَّهُ نَسِيَ الْعَيْبَ حِينَ بَاعَهُ وَمَا ذَكَرَهُ، وَيَكُونُ سَبِيلُهُ سَبِيلَ مَنْ لَمْ يُدَلِّسْ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ دَلَّسَ لَهُ بِالْعَيْبِ فَحَدَثَ بِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ مِنْ غَيْرِ الْقَطْعِ أَوْ فِي الْحَيَوَانِ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ؟

قَالَ: إنَّمَا قَالَ مَالِكٌ: فِي الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ إذَا حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ مُفْسِدٌ مِثْلُ الْعَوَرِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَالْقَطْعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَ وَلَيْسَ يَتْرُكُ مَا نَقَصَ دَلَّسَ أَوْ لَمْ يُدَلِّسْ، قَالَ: لِأَنَّ الرَّقِيقَ وَالْحَيَوَانَ كُلَّهُ دَلَّسَ أَوْ لَمْ يُدَلِّسْ مَا حَدَثَ بِهَا مِنْ عَيْبٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفْسِدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَ وَمَا كَانَ مِنْ عَيْبٍ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَا يَرُدُّ مَعَهُ مَا نَقَصَ وَالتَّدْلِيسُ فِي الْحَيَوَانِ وَالرَّقِيقِ وَغَيْرُ التَّدْلِيسِ سَوَاءٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا فِي الثِّيَابِ فَإِنَّهُ إذَا دَلَّسَ فَحَدَثَ فِي الثِّيَابِ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفْسِدٌ مِنْ غَيْرِ التَّقْطِيعِ أَوْ فَعَلَ بِمَا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِالثَّوْبِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْحَيَوَانِ لَا يَرُدُّهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَ الْعَيْبُ وَإِنَّمَا أَجَازَهُ مَالِكٌ فِي التَّقْطِيعِ وَحْدَهُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَا يَرُدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَ إذَا دَلَّسَ لَهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْقَصَّارَةُ وَالصَّبَّاغُ مِثْلُهُ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا اشْتَرَى مِنْ الثِّيَابِ وَقَدْ دَلَّسَ فِيهِ بِعَيْبٍ فَصَبَغَهَا أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا مَا هُوَ زِيَادَةٌ فِيهَا، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ وَيَكُونُ مَعَهُ شَرِيكًا بِمَا زَادَ الصَّبْغُ فِي الثَّوْبِ أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ لَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ نَقَصَهَا الصَّبْغُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ التَّقْطِيعِ إنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّهُ رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُمْسِكَهُ أَمْسَكَهُ وَأَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ لَمْ يُدَلِّسْ لَهُ وَقَدْ صَبَغَهُ الْمُشْتَرِي صَبْغًا يُنْقِصُهُ رَدَّهُ وَرَدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَ الصَّبْغُ مِنْهُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيَأْخُذُ مَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ السِّلْعَةِ مِنْ الْبَائِعِ فَذَلِكَ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>