للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُشْبِهُ ذَلِكَ أَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ عَبْدًا وَقَدْ كَانَ أَبِقَ وَتَبَرَّأَ مِنْ الْإِبَاقِ فَإِذَا إبَاقُهُ إبَاقٌ بَعِيدٌ؟ قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ يُبَرِّئُهُ قَدْ يَشْتَرِي الرَّجُلُ الْعَبْدَ وَيُبَرِّئُهُ صَاحِبُهُ مِنْ الْإِبَاقِ وَإِنَّمَا يَظُنُّ الْمُشْتَرِي أَنَّ إبَاقَهُ إلَى مِثْلِ الْعَوَالِي أَوْ إبَاقِ لَيْلَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِذَا إبَاقُهُ إلَى الشَّامِ أَوْ إلَى مِصْرَ، قَالَ: لَا أَرَى بَرَاءَتَهُ تَنْفَعُهُ حَتَّى يُبَيِّنَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْ السَّرِقَةِ فَيَظُنُّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَانَ إنَّمَا يَسْرِقُ فِي الْبَيْتِ الرَّغِيفَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَهُوَ عَادِيٌّ يَنْقُبُ بُيُوتَ النَّاسِ فَلَا تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ حَتَّى يُبَيِّنَ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً وَتَبَرَّأَ إلَيَّ صَاحِبُهَا مَنْ الْكَيِّ الَّذِي بِجَسَدِهَا فَأَصَبْتُ بِظَهْرِهَا كَيًّا كَثِيرًا أَوْ بِفَخْذَيْهَا فَقُلْتُ لِلْبَائِعِ: إنَّمَا ظَنَنْتُ أَنَّ الْكَيَّ بِبَطْنِهَا فَأَمَّا إنْ كَانَ بِظَهْرِهَا أَوْ بِفَخْذَيْهَا فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا؟ قَالَ: الْجَارِيَةُ لَازِمَةٌ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مِنْ الْكَيِّ أَمْرٌ مُتَفَاحِشٌ مِثْلُ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي الْإِبَاقِ وَالدَّبَرَةِ فَذَلِكَ لَا تُبَرِّئُهُ الْبَرَاءَةُ إلَّا أَنْ يُخْبِرَهُ بِشُنْعِ الْكَيِّ أَوْ يُرِيَهُ إيَّاهُ.

قُلْتُ: وَلَا يُلْتَفَتُ فِي هَذَا إلَى عَدَدِ الْكَيِّ؟

قَالَ: لَا إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ الْكَيُّ أَيْضًا فَيَكُونُ كَيًّا يُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مُتَفَاحِشٌ كَثِيرٌ فَيَكُونُ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بَاعَ جَارِيَةً فَتَبَرَّأَ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ فَأَصَابَ الْمُشْتَرِي بِفَرْجِهَا عُيُوبًا كَثِيرَةً عَقْلًا أَوْ قَرْنًا؟ قَالَ: إنْ كَانَ مَا بِفَرْجِهَا مِنْ الْعُيُوبِ يَخْتَلِفُ حَتَّى يَصِيرَ بَعْضُهُ فَاحِشًا فَلَا تُجْزِئُهُ الْبَرَاءَةُ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ إلَيْهِ الْعُيُوبِ بِفَرْجِهَا فَإِنْ بَيَّنَ وَإِلَّا لَمْ تُجْزِئُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بَاعَهَا وَتَبَرَّأَ إلَيْهِ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ فَأَصَابَهَا رَتْقَاءُ؟ قَالَ: أَرَى أَنَّ فِي عُيُوبِ الْفَرْجِ إذَا تَبَرَّأَ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ أَنْ تَجُوزَ بَرَاءَتُهُ فِي الْعَيْبِ الْيَسِيرِ الَّذِي يُغْتَفَرُ مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ عَيْبٌ فَاحِشٌ لَمْ تَجُزْهُ الْبَرَاءَةُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَهُ وَيُبَيِّنَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: أَنَا أَبْرَأُ إلَيْك مِنْ رَتْقِهَا وَلَمْ يَقُلْ رَتْقَاءُ بِعِظَمٍ وَلَا بِغَيْرِ عِظَمٍ فَأَصَابَهَا مُشْتَرِيهَا رَتْقَاءَ بِعِظَمٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُبَطَّ وَلَا يُعَالَجَ؟ قَالَ: إنْ كَانَ رَتْقًا شَدِيدًا لَا يَقْدِرُ عَلَى عِلَاجِهِ؛ لِأَنَّ مِنْهُ مَا يَقْدِرُ عَلَى عِلَاجِهِ فَكَانَ الَّذِي بِهَا مِنْ الرَّتْقِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى عِلَاجِهِ فَلَا تُجْزِئُهُ الْبَرَاءَةُ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ.

قَالَ سَحْنُونٌ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِيمَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً أَوْ شَيْئًا فَتَبَرَّأَ مِنْ الْعُيُوبِ وَسَمَّاهُ فِي أَشْيَاءَ يُسَمِّيهَا يَقُولُ: بَرِئْتُ مِنْ كَذَا وَمِنْ كَذَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُرَدُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>