كِتَابُ الصُّلْحِ رَسْمٌ فِيمَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ أَوْ غَيْرَهُ فَيُصِيبُ بِهِ الْعَيْبَ فَيُصَالِحُ الْبَائِعُ مَنْ عَيْبِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْتُ عَبْدًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَأَصَبْتُ بِالْعَبْدِ عَيْبًا وَالْعَبْدُ لَمْ يَفُتْ فَصَالَحَنِي الْبَائِعُ مِنْ الْعَيْبِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيَّ مِائَةَ دِرْهَمٍ إلَى شَهْرٍ أَيَجُوزُ هَذَا؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا ذَهَبٌ بِفِضَّةٍ لَيْسَ يَدًا بِيَدٍ، إنَّمَا هُوَ ذَهَبٌ لِمُشْتَرِي الْعَبْدِ عَلَى بَائِعِهِ إنْ رَضِيَا بِإِمْضَاءِ الشِّرَاءِ، فَلَمَّا فَسَخَا قِيمَةَ الْعَيْبِ مِنْ الذَّهَبِ فِي دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ كَانَ ذَلِكَ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ إلَى أَجَلٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ صَالَحَهُ الْبَائِعُ مَنْ الْعَيْبِ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا وَقَدْ كَانَ شِرَاءُ الْعَبْدِ بِمِائَةِ دِينَارٍ؟ .
قَالَ: هَذَا جَائِزٌ.
قُلْتُ: لِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ اسْتَرْجَعَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ دَنَانِيرِهِ وَأَمْضَى الْعَبْدَ تِسْعِينَ دِينَارًا، وَإِنْ رَدَّ إلَيْهِ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَإِنْ تَأَخَّرَتْ الدَّنَانِيرُ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ فِي الْأَجَلِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِ دَنَانِيرَهُ إلَى أَجَلٍ عَلَى الشَّرْطِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ.
قُلْتُ: فَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ فِي قِيمَةِ الْعَيْبِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَهَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ؟ .
قَالَ: نَعَمْ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَدْ فَاتَ وَبِهِ عَيْبٌ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute