أُضَمِّنُهُ؟ أَقِيمَتُهُ يَوْمَ قَبَضَهُ مِنِّي أَمْ أَدْفَعَ إلَيْهِ أَجْرَهُ وَأُضَمِّنُهُ قِيمَتَهُ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْهُ؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا أَوْ سَمِعْت مَالِكًا يُسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ يَدْفَعُ إلَى الْقَصَّارِ الثَّوْبَ فَيَفْرُغُ مِنْ عَمَلِهِ وَقَدْ أَحْرَقَهُ أَوْ أَفْسَدَهُ مَاذَا عَلَى الْعَامِلِ؟ قَالَ: قِيمَتُهُ يَوْمَ دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا ابْتَاعَهُ بِهِ صَاحِبُهُ غَالِيًا كَانَ أَوْ رَخِيصًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قُلْتُ: أَنَا أُضَمِّنُهُ قِيمَتَهُ مَقْصُورًا وَأُؤَدِّي إلَيْهِ الْكِرَاءَ؟
قَالَ: لَيْسَ لَكَ أَنْ تُضَمِّنَهُ إلَّا قِيمَتَهُ يَوْمَ دَفَعْتَهُ إلَيْهِ أَبْيَضَ؟
قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الْخَيَّاطِينَ إذَا أَفْسَدُوا مَا دُفِعَ إلَيْهِمْ؟ قَالَ: عَلَيْهِمْ قِيمَةُ الثِّيَابِ يَوْمَ قَبَضُوهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ فَرَغَ الْخَيَّاطُ أَوْ الصَّانِعُ مِنْ عَمَلِ مَا فِي يَدَيْهِ ثُمَّ دَعَا صَاحِبَ الْمَتَاعِ فَقَالَ: خُذْ مَتَاعِك فَلَمْ يَأْتِ صَاحِبُ الْمَتَاعِ حَتَّى ضَاعَ الْمَتَاعُ عِنْدَ الصَّانِعِ؟ قَالَ: هُوَ ضَامِنٌ عَلَى حَالِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى قَصَّارٍ ثَوْبًا لِيُقَصِّرَهُ فَقَصَّرَهُ فَضَاعَ الثَّوْبُ بَعْدَ الْقَصَّارَةِ فَأَرَدْتُ أَنْ أُضَمِّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِي كَيْفَ أُضَمِّنُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تُضَمِّنُهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ دَفَعْتُهُ إلَيْهِ.
قُلْتُ: وَلَا يَكُونُ لِي أَنْ أُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ مَقْصُورًا وَأَغْرَمُ لَهُ كِرَاءَ قَصَارَتِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت خَيَّاطًا يَقْطَعُ لِي قَمِيصًا وَيَخِيطُهُ لِي فَأَفْسَدَهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ الْفَسَادُ يَسِيرًا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَفْسَدَ وَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ كَثِيرًا ضَمِنَ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَكَانَ الثَّوْبُ لِلْخَيَّاطِ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: إنَّمَا يَضْمَنُ الصُّنَّاعُ مَا دُفِعَ إلَيْهِمْ مِمَّا يَسْتَعْمِلُونَ عَلَى وَجْهِ الْحَاجَةِ إلَى أَعْمَالِهِمْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِبَارِ لَهُمْ وَالْأَمَانَةِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ إلَى أَمَانَتِهِمْ لَهَلَكَتْ أَمْوَالُ النَّاسِ وَضَاعَتْ قِبَلَهُمْ وَاجْتَرَءُوا عَلَى أَخْذِهَا وَلَوْ تَرَكُوهَا لَمْ يَجِدُوا مُسْتَعْتِبًا وَلَمْ يَجِدُوا غَيْرَهُمْ وَلَا أَحَدًا يَعْمَلُ تِلْكَ الْأَعْمَالَ غَيْرُهُمْ فَضَمِنُوا ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ النَّاسِ وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ مِنْ مَنْفَعَةِ الْعَامَّةِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَلَا تَلَقَّوْا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إلَى الْأَسْوَاقِ» فَلَمَّا رَأَى أَنَّ ذَلِكَ يُصْلِحُ الْعَامَّةَ أَمَرَ فِيهِ بِذَلِكَ.
(ابْنُ وَهْبٍ) ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ حَدَّثَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُضَمِّنُ الصُّنَّاعَ الَّذِينَ فِي الْأَسْوَاقِ وَانْتَصَبُوا لِلنَّاسِ مَا دُفِعَ إلَيْهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute