لِي أَنْ أَتْبَعَهُ بِمَا أَنْفَقْت عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا يَوْمَ أَنْفَقَ هَذَا الرَّجُلُ عَلَى اللَّقِيطِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ كَانَتْ لَازِمَةٌ لِأَبِيهِ إذَا كَانَ أَبُوهُ الَّذِي طَرَحَهُ عَامِدًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ طَرَحَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ ضَالًّا فَوَقَعَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ ضَلَّ مِنْهُ ابْنُهُ وَهُوَ صَغِيرٌ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ أَبَاهُ قَدِمَ عَلَيْهِ فَأَرَادَ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ أَنْ يُتْبِعَهُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ؟ قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى ذَلِكَ وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ مِمَّا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، فَاللَّقِيطُ عِنْدِي بِمَنْزِلَتِهِ لِأَنَّ الْمُنْفِقَ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ أَرَ لَهُ شَيْئًا.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا غَابَ عَنْ أَوْلَادٍ لَهُ صِغَارٍ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُ وَالِدُهُمْ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ وَالْوَالِدُ يَوْمَ أَنْفَقَ هَذَا الرَّجُلُ كَانَ مُوسِرًا فَقَدِمَ الْوَالِدُ أَيَكُونُ لِهَذَا الرَّجُلِ أَنْ يَتْبَعَهُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ يَغِيبُ عَنْ امْرَأَتِهِ فَتُنْفِقُ ثُمَّ يَقْدَمُ فَتُرِيدُ أَنْ تَتْبَعَهُ بِمَا أَنْفَقَتْ قَالَ مَالِكٌ: إنَّ كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ أَنْفَقْتَ فِي غِيبَتِهِ كَانَ لَهَا أَنْ تُتْبِعَهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُتْبِعَهُ. قَالَ: وَلِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ وَلَدِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِلَّا فَهُمْ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُكَلَّفُ بِشَيْءٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهِمْ، وَعَلَى هَذَا رَأَيْتُ ذَلِكَ فِي الْوَلَدِ، وَقَالَ: فِي الصَّبِيِّ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَأَرَادَ أَنْ يُتْبِعَ الصَّبِيَّ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ: لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ يَوْمَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَتْبَعَ مَالَ الصَّبِيِّ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الصَّبِيِّ.
قُلْتُ: وَمَنْ هَؤُلَاءِ الصِّبْيَانُ الَّذِينَ جَعَلَ مَالِكٌ عَلَيْهِمْ النَّفَقَةَ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ؟
قَالَ: الْيَتَامَى.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَنْفَقَ عَلَى صَبِيٍّ، وَلَهُ وَالِدٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَيَلْزَمُ الْوَالِدُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا مَا أَخْبَرْتُكَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنِّي أَرَى إنْ كَانَ أَمْرًا يُلْزِمُهُ السُّلْطَانُ إيَّاهُ فَإِنِّي أَرَى أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ مِثْلُ الرَّجُلِ يَغِيبُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَيَضِيعُ وَلَدُهُ فَيَأْمُرُ السُّلْطَانُ رَجُلًا بِالنَّفَقَةِ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ يُنْفِقُ هُوَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ إذْنِ السُّلْطَانِ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ لَهُ، وَكَانَ الْوَلَدُ صِغَارًا مِمَّنْ يَلْزَمُ الْوَالِدَ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ فَأَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَإِنْ أَيْسَرَ فَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُتْبَعْ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ إذَا كَانَ الْأَبُ يَوْمَ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ مُعْسِرًا قَالَ: لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute