فَعَثَرَ فَسَقَطَ فَأَهْرَاقَ الدُّهْنَ أَوْ أَهْرَاقَ الطَّعَامَ مَنْ الْمِكْتَلِ أَيَضْمَنُ لِي أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: لِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ أَجِيرُكَ عِنْدَ مَالِكٍ، وَلَا يَضْمَنُ أَجِيرُكَ لَكَ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قُلْتُ لَهُ: إنَّك لَمْ تَعْثُرْ وَلَمْ تَسْقُطْ وَلَمْ يَذْهَبْ دُهْنِي وَلَا طَعَامِي وَلَكِنَّك غَيَّبْتَهُ أَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلِي أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُكَ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَعَلَى الْأَجِيرِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ عَثَرَ وَأَهْرَاقَ الْإِدَامَ وَأَهْرَاقَ الطَّعَامَ، وَأَمَّا فِي الْبَزِّ وَالْعُرُوضِ إذَا حَمَلَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَذْبِهِ.
قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ جَلَسَ لِيَحْفَظَ ثِيَابَ مَنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ فَضَاعَ مِنْهُ شَيْءٌ أَيَضْمَنُ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَلِمَ لَمْ يُضَمِّنْهُ مَالِكٌ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ أَنْزَلَهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت أَجِيرًا يَخْدُمُنِي شَهْرًا فِي بَيْتِي فَكَسَرَ آنِيَةً مَنْ آنِيَةً الْبَيْتِ أَوْ قِدْرًا أَيَضْمَنُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى فَأَمَّا مَا لَمْ يَتَعَدَّ فَلَا يَضْمَنُ.
قُلْتُ: وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْقَصَّارُ وَالْحَدَّادُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ؟
قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَى شَيْءٍ، وَإِنَّمَا هَذَا أَجِيرٌ لَهُمْ فِي بَيْتِهِمْ وَالْمَتَاعُ فِي أَيْدِيهِمْ وَحُكْمُ الْأَجِيرِ غَيْرُ حُكْمِ الصُّنَّاعِ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرْتُهُ يَخِيطُ لِي ثَوْبًا فَأَفْسَدَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى؟
قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّكَ لَمْ تُسْلِمْ إلَيْهِ شَيْئًا يَغِيبُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ أَجِيرُكَ فِي بَيْتِكَ، وَالشَّيْءُ فِي يَدَيْكَ فَلَا يَضْمَنُ إذَا تَلِفَ الثَّوْبُ وَيَضْمَنُ إذَا أَفْسَدَ بِالْعَدَاءِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَجِيرَ الْخِدْمَةِ مَا أَفْسَدَ مِنْ طَحِينِهِمْ أَوْ أَهْرَاقَ مَنْ لَبَنِهِمْ أَوْ مِنْ مَائِهِمْ أَوْ مِنْ نَبِيذِهِمْ أَوْ مَا وَطِيءَ عَلَيْهِ مِنْ قِصَاعِهِمْ أَوْ كَسَّرَ مِنْ قُلَالِهِمْ أَوْ وَطِيءَ عَلَيْهِ مِنْ ثِيَابِهِمْ فَتُخْرَقُ أَوْ خَبَزَ لَهُمْ خُبْزًا فَاحْتَرَقَ أَيَضْمَنُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا تَعَدَّى كَمَا أَعْلَمْتُكَ بِهِ سَحْنُونٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا عَثَرَ عَلَيْهِ أَوْ وُطِئَ عَلَيْهِ فَهُوَ جِنَايَةٌ وَمَا سَقَطَ مِنْ يَدِهِ أَوْ عَثَرَ بِهِ فَلَا يَضْمَنُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ فِي رَجُلِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَحْمِلُ لَهُ شَيْئًا فَحَمَلَ لَهُ إنَاءً أَوْ وِعَاءً فَخَرَّ مِنْهُ الْإِنَاءُ أَوْ انْفَلَتَ مِنْهُ الْوِعَاءُ فَذَهَبَ مَا فِيهِ؟ قَالَ: لَا أَرَى عَلَيْهِ غُرْمًا إلَّا أَنْ يَكُونَ تَعَمَّدْ ذَلِكَ