للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ لَيْسَتْ فِيهِ مَضَرَّةٌ وَلَا تَعَبٌ عَلَى الَّذِي اشْتَرَطَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَإِنْ كَانَ هُوَ أَتْعَبَ وَأَضَرَّ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي الضَّمَانِ، فَإِنْ أَحَبَّ كَانَ لَهُ كِرَاءُ فَضْلِ ذَلِكَ الْحِمْلِ عَلَى تَعَبِهِ بِمَا يَسْوَى، وَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ قِيمَةُ بَعِيرِهِ يَوْمَ حَمَلَهُ وَلَا كِرَاءَ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ تَكَارَيْتُ بَعِيرًا لِأَرْكَبَهُ أَنَا نَفْسِي فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ غَيْرِي؟

قَالَ: إنْ كَانَ مِثْلَكَ أَوْ دُونَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْكَ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ هُوَ يُكْرِيهِ فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَاهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت رَحًى عَلَى أَنْ لَا أَطْحَنَ فِيهَا إلَّا الْحِنْطَةَ فَجَعَلْتُ أَطْحَنُ فِيهَا الشَّعِيرَ وَالْعَدَسَ وَالْفُولَ وَالْقُطْنِيَّةَ وَالذُّرَةَ وَالدُّخْنَ فَانْكَسَرَتْ الرَّحَى؟ قَالَ: إنْ كَانَ طَحِينُ الشَّعِيرِ وَالْعَدَسِ وَمَا ذَكَرْتَ لَيْسَ بِأَضَرَّ مِنْ الْحِنْطَةِ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ ضَمَانًا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ أَضَرُّ فَهُوَ ضَامِنٌ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: هُوَ رَأْيِي مِثْلُ الَّذِي قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَكْتَرِي الْبَعِيرَ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ خَمْسَمِائَةِ رَطْلٍ مِنْ بَزٍّ فَيَحْمِلَ عَلَيْهِ خَمْسَمِائَةِ رَطْلٍ مِنْ دُهْنٍ: إنَّهُ لَمْ يَكُنْ الدُّهْنُ أَضَرَّ بِالْبَعِيرِ مِنْ الْبَزِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْتَرِي إنْ عَطِبَ الْبَعِيرُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت دَابَّةً لِأَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً فَحَمَلْتُ عَلَيْهَا شَعِيرًا أَوْ ثِيَابًا أَوْ دُهْنًا؟ قَالَ: إذَا حَمَلَ عَلَيْهَا مَا يَكُونُ مِثْلَ وَزْنِ الَّذِي اكْتَرَاهَا عَلَيْهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا مِمَّنْ يُحْمَلُ عَلَيْهَا مِثْلُ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا خِلَافَ الَّذِي سَمَّى مِثْلَ أَنْ يَتَكَارَاهَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا كَتَّانًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مِنْ الْبَزِّ وَزْنَ ذَلِكَ أَوْ مِنْ الْقُطْنِ وَزْنَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ أَضَرُّ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ الَّذِي تَكَارَاهَا لَهُ، وَإِنْ كَانَ بِوَزْنِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ شَيْءٌ أَجْفَى عَلَى الْإِبِلِ وَالدَّوَابِّ أَوْ أَضْغَطُ لِظُهُورِهَا، وَإِنْ كَانَ الْوَزْنُ وَاحِدًا مِثْلُ الرَّصَاصِ وَالْحَدِيدِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الزَّوَامِلَ أَثْقَلُ مِنْ جُلِّ الْمَحَامِلِ فِي الْوَزْنِ، وَالزَّوَامِلُ أَرْفَقُ بِالْإِبِلِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي اخْتِلَافِ الْمَتَاعِ مَضَرَّةٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا خِلَافَ مَا سَمَّى.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْتُ دَابَّةً لِأَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ مِنْ حِنْطَةٍ فَحَمَلْتُ عَلَيْهَا أَحَدَ عَشَرَ قَفِيزًا فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ أَأَضْمَنُ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إذَا كَانَ الْقَفِيزُ إنَّمَا فِيهِ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ الَّذِي لَا يَفْدَحُ الدَّابَّةَ يُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا تُعْطَبُ فِيهِ الدَّابَّةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>