للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحِبَالُ فَسَقَطَ الْمَتَاعُ فَفَسَدَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ لِلْكَرِيِّ وَلَا عَلَى رَبِّ الْبَعِيرِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ غُرُّهُ مِنْ عِثَارِهَا أَوْ غُرُّهُ مِنْ الْحِبَالِ الَّتِي رَبَطَ بِهَا مَتَاعَهُ لِضَعْفِ الْحِبَالِ وَلِمَعْرِفَةِ النَّاسِ بِهَذِهِ الْحِبَالِ أَنَّهَا لَا تُثَبِّتُ هَذَا الْمَتَاعَ إذَا رُبِطَ بِهَا فَهَذَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ هَكَذَا.

قُلْتُ: وَلِمَ لَا تُضَمِّنُهُ إذَا عَثَرَتْ دَابَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَثُورًا؟

قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَلِأَنَّ كُلَّ مَا يَجِيءُ مِنْ قِبَلِ الدَّوَابِّ فَهُوَ هَدَرٌ لَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْعَجْمَاءَ جُبَارٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ ذَعَرَهَا رَجُلٌ أَوْ فَعَلَ بِهَا رَجُلٌ شَيْئًا فَأَسْقَطَتْ مَا عَلَيْهَا بِفِعْلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِهَا، فَيَكُونُ ضَمَانُهَا عَلَى الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ بِهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْذَبَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ وَالطَّعَامِ فَقَالَ لَهُ: لَمْ يَضَعْ مَتَاعِي وَلَمْ تَعْثِرْ الدَّابَّةُ وَلَكِنَّك غَيَّبْتَهُ أَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا، وَقَدْ قَالَ الْمُكْرِي: قَدْ قُطِعَ عَلَيَّ الطَّرِيقُ فَذَهَبَ الْبَزُّ وَالْعُرُوضُ وَعَثَرَتْ الدَّوَابُّ فَتَكَسَّرَتْ الْقَوَارِيرُ وَسُرِقَ مِنِّي الطَّعَامُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْجَمَّالِ فِي الْبَزِّ وَالْعُرُوضِ إذَا قَالَ: سُرِقَ مِنِّي أَوْ قُطِعَ عَلَيَّ الطَّرِيقُ أَوْ ادَّعَى تَلَفَ الْمَتَاعِ وَالْعُرُوضِ صُدِّقَ، وَأَمَّا فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَحْمِلُ لَهُ شَيْئًا فَحَمَلَ لَهُ إنَاءً وَوِعَاءً فَخَرَّ مِنْهُ الْإِنَاءُ وَانْفَلَتَ مِنْهُ الْوِعَاءُ فَذَهَبَ مَا فِيهِ قَالَ: لَا أَرَى عَلَيْهِ غُرْمًا إلَّا أَنْ يَكُونَ تَعَمَّدَ ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ، قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: الْجَمَّالُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا ضَيَّعَ. وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ فِي رَأْي الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَضْمَنُوا الْأَكْرِيَاءَ مَا حَمَلُوا مِنْ الطَّعَامِ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنْ يَضْمَنُوا الطَّعَامَ بِمَنْزِلَةِ الصِّنَاعَاتِ فَلَمْ يَسَعْهُمْ إلَّا أَنْ يُضَمِّنُوا الطَّعَامَ مَنْ حَمَلَهُ وَالطَّعَامُ فِيمَا بَلَغَنَا يَضْمَنُهُ مَنْ حَمَلَهُ وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا غَيْرَهُ. قَالَ: وَقَالَ رَبِيعَةُ: وَذَلِكَ رَأْيِي، قَالَ رَبِيعَةُ: وَلَيْسَ الْبَزُّ وَالْمَالُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِثْلَ الطَّعَامِ وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهِ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بِضَمَانِهِ شَيْئًا يُونُسُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَصْلُحُ الْكِرَاءُ بِالضَّمَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>