للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَيَضْمَنُونَ مَا فِي السَّفِينَةِ مِنْ النَّاسِ وَالْمَتَاعِ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا ضَمِنُوا مَا فِي السَّفِينَةِ مِنْ الْمَتَاعِ ضَمِنُوا مَا فِي السَّفِينَةِ مِنْ النَّاسِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ أَجِيرٍ أَوْ رَاعٍ أَوْ صَانِعٍ يَعْمَلُ لَكَ عَمَلًا فِي مَنْزِلَكَ أَوْ بَيْطَارٍ أَوْ طَبِيبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّنْ يَعْمَلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أَوْ جَمَّالٍ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ ضَامِنٌ لِمَا تَعَدَّوْا فَالسَّفِينَةُ عِنْدِي بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْت إبِلًا إلَى مَكَّةَ مِنْ الشَّامِ تَحْمِلُ طَعَامًا بَعَثْتُ ذَلِكَ إلَى غُلَامِي أَوْ أَجِيرِي فَلَمَّا بَلَغَ مَكَّةَ أَصَابَ الطَّعَامَ قَدْ زَادَ أَوْ نَقَصَ؟ قَالَ: أَمَّا كُلُّ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ يَكُونُ مِنْ نُقْصَانِ الْكَيْلِ وَزِيَادَةِ الْكَيْلِ فَلَا يَكُونُ عَلَى الْمُكْرِي شَيْءٌ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَلَا كِرَاءَ لَهُ فِي الزِّيَادَةِ وَلَا يُحَطُّ عَنْهُ لِلنُّقْصَانِ مِنْ الْكِرَاءِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَا تَكُونُ مِنْ زِيَادَةِ الْكَيْلِ، وَقَالَ الْجَمَّالُ: لَيْسَ لِي مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ شَيْءٌ وَلَكِنَّكُمْ غَلِطْتُمْ فِي الْكَيْلِ فَزِدْتُمْ عَلَيَّ قَالَ: فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ رَبُّ الطَّعَامِ فِي أَنْ يَأْخُذَ الزِّيَادَةَ وَيَغْرَمَ كِرَاءَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ

فَإِنْ أَبَى وَقَالَ: لَمْ أَغْلَطْ لَمْ يُصَدَّقْ الْجَمَّالُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَلْزَمْهُ الزِّيَادَةُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَا تُشْبِهُ زِيَادَةَ الْكَيْلِ؛ لِأَنَّ الْكِرَاءَ بِمَا اغْتَرَقَ الطَّعَامَ وَزِيَادَةٌ عَلَى ثَمَنِ الطَّعَامِ فَيَكُونُ حِمْلُ الْجَمَلِ مِنْ الطَّعَامِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَكِرَاؤُهُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فَلَا يُصَدَّقُ الْجَمَّالُ عَلَى رَبِّ الطَّعَامِ فِي الْغَلَطِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الطَّعَامِ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ وَيَغْرَمَ كِرَاءَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَلَكِنَّهُ رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ زَادَ الطَّعَامُ زِيَادَةً يُعْلَمُ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ مِنْ زِيَادَةِ الْكَيْلِ فَقَالَ رَبُّ الطَّعَامِ: أَنَا آخُذُ طَعَامِي وَزِيَادَةَ الْكَيْلِ أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ؟

قَالَ: لَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ كَيْلَ طَعَامِهِ وَلَا يَأْخُذَ زِيَادَةَ الْكَيْلِ إلَّا أَنْ تَكُونَ زِيَادَةُ الْكَيْلِ أَمْرًا مَعْرُوفًا عِنْدَ النَّاسِ كُلِّهِمْ.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: وَكُلُّ زِيَادَةٍ تَكُونُ فِي زِيَادَةِ الْكَيْلِ يُوجَدُ ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ إنَّ ذَلِكَ لِرَبِّ الطَّعَامِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْحَدَّادِينَ وَالْقَصَّارِينَ وَالْخَيَّاطِينَ وَأَهْلَ الصِّنَاعَاتِ وَالْحَمَّالِينَ وَالْبَغَّالِينَ وَأَصْحَابَ السُّفُنِ أَلِهَؤُلَاءِ أَنْ يَمْنَعُوا مَا عَمِلُوا بِأَجْرٍ وَمَا حَمَلُوا بِكِرَاءٍ يَمْنَعُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ حَتَّى يَسْتَوْفُوا كِرَاءَهُمْ وَأَجْرَ عَمَلِهِمْ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَوْفُوا كِرَاءَهُمْ وَأَجْرَ عَمَلِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>