الْوَضِيعَةِ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ رَأْسُ مَالِهِمَا عَرْضًا مَنْ الْعُرُوضِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِفًا، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِكَا بِهِ عَلَى الْقِيمَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَكَيْفَ يُقَوِّمَانِ مَا فِي أَيْدِيهِمَا، وَكَيْفَ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ؟ أَيَبِيعُ هَذَا نِصْفَ مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ مَا فِي يَدَيْ صَاحِبِهِ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ سَوَاءً، أَوْ يُقَوِّمَانِ وَلَا يَبِيعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ مَا فِي يَدَيْ صَاحِبِهِ؟ قَالَ: إذَا قَوَّمَا مَا فِي أَيْدِيهِمَا، وَكَانَ قِيمَةُ مَا فِي أَيْدِيهِمَا سَوَاءً، وَأَشْهَدَا عَلَى أَنَّهُمَا قَدْ تَشَارَكَا بِالنِّصْفِ، فَقَدْ بَاعَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدَيْهِ بِنِصْفِ مَا فِي يَدَيْ صَاحِبِهِ إذَا قَوَّمَا، وَكَانَ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً، ثُمَّ أَشْهَدَا عَلَى الشَّرِكَةِ، فَقَدْ بَاعَهُ نِصْفَ سِلْعَتِهِ بِنِصْفِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا الْبَيْعَ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَكَا بِسِلْعَتِهِمَا، عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَالْوَضِيعَةَ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، وَعَلَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَاشْتَرَكَا فِي هَاتَيْنِ السِّلْعَتَيْنِ، فَلَمَّا قَوَّمَا السِّلْعَتَيْنِ، كَانَتْ إحْدَاهُمَا الثُّلُثَيْنِ وَالْأُخْرَى الثُّلُثَ، كَيْفَ يَصْنَعَانِ؟ وَكَيْفَ تَقَعُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: إنْ كَانَا لَمْ يَعْمَلَا، وَأُدْرِكَتْ السِّلْعَتَانِ رُدَّتَا إلَى صَاحِبَيْهِمَا وَفُسِخَتْ الشَّرِكَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَتَانِ كَانَا عَلَى الشَّرِكَةِ عَلَى مَا بَلَغَتْهُ كُلُّ سِلْعَةٍ، وَيُعْطَى الْقَلِيلُ الرَّأْسِ الْمَالِ أَجْرُهُ فِي الزِّيَادَةِ الَّتِي عَمِلَ فِيهَا مَعَ صَاحِبِهِ. وَإِنْ كَانَتْ وَضِيعَةٌ فُضَّتْ الْوَضِيعَةُ عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ، فَمَا أَصَابَ الْكَثِيرَ الرَّأْسِ الْمَالِ كَانَ عَلَى صَاحِبِ الْكَثِيرِ رَأْسُ الْمَالِ، وَمَا أَصَابَ الْقَلِيلَ كَانَ عَلَى الْقَلِيلِ الرَّأْسُ الْمَالِ، وَالرِّبْحُ إنْ كَانَ فَكَذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ رَأْسَ مَالِهِمَا كَانَ عَلَى مَا بَلَغَتْهُ سِلْعَتَاهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى مَا شَرَطَا وَلَا يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ السِّلْعَةِ الْقَلِيلَةِ ضَمَانٌ فِي فَضْلِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ عَلَى سِلْعَتِهِ وَلَيْسَ فَضْلُ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ مِمَّا وَقَعَ بَيْنَهُمَا فِيهِ بَيْعٌ.
وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ ذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ يَأْتِي بِمِائَةٍ وَيَأْتِي رَجُلٌ آخَرُ بِمِائَتَيْنِ، فَيَشْتَرِكَانِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا، وَالنُّقْصَانَ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ وَالْعَمَلَ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ، قَالَ مَالِكٌ: الْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، وَالرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا. وَيُعْطَى صَاحِبُ الْمِائَةِ أَجْرَ مِثْلِهِ، فِيمَا أَعَانَ صَاحِبَ الْمِائَتَيْنِ فِي فَضْلِ الْمِائَتَيْنِ وَلَمْ يَجْعَلْهَا سَلَفًا، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ إيَّاهَا عَلَى أَنْ يُشَارِكَهُ. وَلَوْ كَانَ سَلَفًا لَكَانَ لَهُ رِبْحُ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَعْطَاهُ إيَّاهَا، حَتَّى يُسَاوِيَهُ فِي رَأْسِ الْمَالِ، وَلَكَانَ ضَامِنًا أَيْضًا لِلْخَمْسِينَ. وَتَكُونُ أَيْضًا شَرِكَةً فَاسِدَةً، لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ وَسَلَفٌ. وَقَالَ مَالِكٌ: أَرَاهُ إنَّمَا أَسْلَفَهُ الْخَمْسِينَ، عَلَى أَنْ أَعَانَهُ بِالْعَمَلِ. قَالَ: فَأَرَاهُ مَفْسُوخًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْخَمْسِينَ، وَضَمَانُ الْخَمْسِينَ عَلَى صَاحِبِ الْمِائَتَيْنِ وَرِبْحُهَا لَهُ وَوَضِيعَتُهَا عَلَيْهِ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ أَجْرُهُ فِيمَا أَعَانَهُ فِيهَا. فَلَوْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ تَكُونُ هَاهُنَا عِنْدَ مَالِكٍ سَلَفًا، لَكَانَ يَكُونُ ضَمَانُهَا مِنْهُ إنْ جَاءَ بِنُقْصَانٍ، وَلَكَانَ الْمَتَاعُ فِي الشَّرِكَةِ الْأُولَى تَبَعًا، يَلْزَمُ الْقَلِيلَ الرَّأْسِ الْمَالِ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا يَفْضُلهُ بِهِ صَاحِبُهُ. فَلَمَّا لَمْ يُضَمِّنْ مَالِكٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute