للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ رَجُلًا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فَأَفْطَرَ يَوْمًا بَعْدَ صِيَامِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَنْ غَيْرِ مَرَضٍ؟

قَالَ: يَبْتَدِئُ وَلَا يَبْنِي.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ كُلَّ خَمِيسٍ يَأْتِي فَأَفْطَرَ خَمِيسًا وَاحِدًا مَنْ غَيْرِ عِلَّةٍ؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، قَالَ: وَرَأَيْتُ مَالِكًا يَكْرَهُ هَذَا كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً الَّذِي يَقُولُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمًا يُوَقِّتُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ، فَقَدِمَ فُلَانٌ لَيْلًا أَيَكُونُ عَلَيْهِ صَوْمٌ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: أَرَى عَلَيْهِ صَوْمُ صَبِيحَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ.

قُلْتُ: وَتَحْفَظُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: لَا وَلَكِنَّ اللَّيْلَ مِنْ النَّهَارِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ نَهَارًا وَقَدْ أَكَلَ فِيهِ الْحَالِفُ أَيَكُونُ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا وَهُوَ رَأْيِي.

قُلْتُ: فَإِنْ قَدِمَ فُلَانٌ بَعْدَمَا أَصْبَحَ وَهُوَ يَنْوِي الْإِفْطَارَ أَعَلَيْهِ قَضَاءُ هَذَا الْيَوْمِ؟ فَقَالَ: لَا يَقْضِيهِ فِي رَأْيِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَصْبَحَ وَهُوَ يَنْوِي الْإِفْطَارَ لَمْ يُجْزِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ فُلَانًا لَمْ يَقْدَمْ إلَّا وَقَدْ جَازَ لِهَذَا الرَّجُلِ الْإِفْطَارُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ غَدًا فَيَكُونُ غَدًا الْأَضْحَى أَوْ الْفِطْرُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ أَوْ لَا يَعْلَمُ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا صِيَامَ عَلَيْهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ غَدًا النَّحْرَ أَوْ الْفِطْرَ فَذَلِكَ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ أَوْ يَجِبَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْفِطْرَ غَدًا أَوْ النَّحْرَ فَذَلِكَ أَيْضًا لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَى عَنْ صِيَامِهِمَا فَلَا نَذْرَ لِأَحَدٍ فِيمَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَهُوَ رَأْيِي وَاَلَّذِي أَسْتَحْسِنُ.

قُلْتُ: فَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا كَانَ صَوْمُهُ لَا يَلْزَمُهُ؟ فَقَالَ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ.

قُلْتُ: فَلِمَ لَا يَقْضِيهِ؟

قَالَ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ صِيَامًا فَجَاءَ الْمَنْعُ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ، جَاءَ الْمَنْعُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكُلُّ مَنْعٍ جَاءَ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ جَاءَ الْمَنْعُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَرَأْيِي وَاَلَّذِي أَسْتَحْسِنُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ أَشْهُرًا بِعَيْنِهَا أَوْ يَوْمًا بِعَيْنِهِ، صَامَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُصَامُ وَأَفْطَرَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُفْطَرُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِمَا أَفْطَرَ قَضَاءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى عِنْدَمَا نَذَرَ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ مَا أَفْطَرَ مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ: وَإِنْ كَانَ نَذَرَ سَنَةً أَوْ شَهْرًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ صَامَ سَنَةً لَيْسَ فِيهَا رَمَضَانُ وَلَا يَوْمُ الْفِطْرِ وَلَا أَيَّامُ النَّحْرِ، وَكَانَ عَلَيْهِ اثْنَتَا عَشَرَ شَهْرًا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَكَذَلِكَ مَنْ نَذَرَ شَهْرًا فَإِنَّ عَلَيْهِ صِيَامَ شَهْرٍ كَامِلٍ وَهَذَا رَأْيِي.

قَالَ مَالِكٌ: وَأَمَّا الَّذِي نَذَرَ سَنَةً بِعَيْنِهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَذَرَ صَلَاةَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ يُصَلِّي مَا كَانَ مِنْ الْيَوْمِ يُصَلِّي مِنْهُ وَلَا يُصَلِّي فِي السَّاعَاتِ الَّتِي لَا يُصَلِّي فِيهَا وَلَا شَيْءَ فِيهَا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَإِنْ جَاءَ الْمَنْعُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ أَبَدًا فَقَدِمَ فُلَانٌ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ أَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ هَذَا الْيَوْمَ فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>