للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يُحْمَلُ؟ قَالَ: إنَّمَا يَكُونُ لَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ مَا فَضَلَ عَنْ الْعِتْقِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ عِنْدَنَا مَيِّتٌ، فَأَتَى رَجُلٌ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ، وَلَمْ تَشْهَدْ الشُّهُودُ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، أَتُجِيزُ شَهَادَتَهُمْ وَيُعْطَى هَذَا الْمِيرَاثَ أَمْ لَا يُعْطَى مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْئًا؟ وَهَلْ تَحْفَظُ قَوْلَ مَالِكٍ فِي هَذَا الْوَجْهِ؟ قَالَ: وَجْهُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي هَذَا، أَنْ يَقُولُوا إنَّهُ ابْنُهُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِذَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، فَأَرَى أَنْ يَنْظُرَ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ وَيَسْأَلَ وَيَنْظُرَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَمْت الْبَيِّنَةَ عَلَى دَارٍ أَنَّهَا دَارُ جَدِّي، وَلَمْ تَشْهَدْ الشُّهُودُ أَنَّ جَدِّي مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِأَبِي، وَأَنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ، لَمْ يُحَدِّدُوا الْمَوَارِيثَ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ؟ قَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْهَا فَقَالَ: يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي حَاضِرًا بِالْبَلَدِ الَّتِي الدَّارُ بِهَا، وَقَدْ حِيزَتْ دُونَهُ السِّنِينَ يَرَاهُمْ يَسْكُنُونَ وَيَحُوزُونَ بِمَا تُحَازُ بِهِ الدُّورُ، فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا. وَإِنْ كَانَ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ الَّذِي الدَّارُ بِهِ، وَإِنَّمَا قَدِمَ مِنْ بِلَادٍ أُخْرَى فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا دَارُ أَبِيهِ وَدَارُ جَدِّهِ؛ قَالَ سَحْنُونٌ: وَحَدَّدُوا الْمَوَارِيثَ حَتَّى صَارَ ذَلِكَ إلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: يُسْأَلُ مَنْ الدَّارُ فِي يَدَيْهِ، فَإِنْ أَتَى بِبَيِّنَةٍ عَلَى أَصْلِ شِرَاءٍ، أَوْ الْوَجْهِ الَّذِي صَارَتْ بِهِ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَسَمَاعٌ مِنْ جِيرَانِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِيرَانِهِ، أَنَّ جَدَّهُ أَوْ وَالِدَهُ كَانَ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ هُوَ نَفْسَهُ إذَا طَالَ الزَّمَانُ، فَقَالُوا: طَالَ سَمْعُنَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا، فَهَهُنَا عِنْدَنَا دُورٌ يُعْرَفُ لِمُزَاوِلِهَا تَقَادُمُ الزَّمَانِ، وَلَيْسَ عَلَى أَصْلِ الشِّرَاءِ بَيِّنَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ سَمَاعٌ مِنْ النَّاسِ أَنَّ فُلَانًا اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَتَى الَّذِي الدَّارُ فِي يَدَيْهِ بِبَيِّنَةٍ، يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ، اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ أَوْ اشْتَرَاهَا وَالِدُهُ أَوْ اشْتَرَاهَا جَدُّهُ، إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: سَمِعْنَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا وَلَكِنَّا لَمْ نَسْمَعْ بِاَلَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، وَلَا أَرَى ذَلِكَ حَتَّى يَشْهَدُوا عَلَى سَمَاعِ صِحَّةٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ أَبِي هَذَا الْمُدَّعِي أَوْ جَدِّهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْحِيَازَةَ، هَلْ وَقَّتَ مَالِكٌ فِيهَا سِنِينَ مُسَمَّاةً عَشَرَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ؟ قَالَ: لَا، لَمْ يُوَقِّتْ لَنَا مَالِكٌ فِي الْحِيَازَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ قَالَ: عَلَى قَدْرِ مَا يُعْلَمُ أَنَّهَا حِيَازَةٌ إذَا حَازَهَا السِّنِينَ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا طَرَأَ رَجُلٌ عَلَى قَوْمٍ مِنْ بَلَدٍ وَلَا يَعْرِفُونَهُ فَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ، فَأَقَامَ بَيْنَهُمْ أَمْرًا قَرِيبًا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَسْتَ مِنْ الْعَرَبِ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُضْرَبُ هَذَا الَّذِي قَالَ لَهُ لَسْتَ مِنْ الْعَرَبِ الْحَدَّ، إلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ زَمَانُهُ مُقِيمًا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ، يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ الْعَرَبِ، فَيُولَدُ لَهُ أَوْلَادٌ وَيَكْتُبُ شَهَادَتَهُ وَيَحُوزُ نَسَبَهُ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ لَهُ رَجُلٌ: لَسْتَ مِنْ الْعَرَبِ. قَالَ: فَهَذَا الَّذِي يُضْرَبُ مَنْ قَالَ لَهُ لَسْتَ مِنْ الْعَرَبِ الْحَدَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَازَ نَسَبُهُ هَذَا الزَّمَانَ كُلَّهُ وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>