للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ شُرَيْحٌ: النِّتَاجُ أَحَقُّ مِنْ الْعَرَّافِ، فَأَمَّا شُرَيْحٌ فَذَكَرَ حَدِيثَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مُغِيرَةَ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي فَرَسٍ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ الْفَرَسَ لِفُلَانٍ نُتِجَ عِنْدَهُ وَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ الْفَرَسَ لِفُلَانٍ نُتِجَ عِنْدَهُ، فَقَالَ: هُوَ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا أَقَمْت أَنَا عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدِي، وَأَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَتَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ، أَيُقَسَّمُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: إذَا تَكَافَأَتَا، وَلَمْ تَكُنْ السِّلْعَةُ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَرَأَى الْإِمَامُ أَنْ يُقَسِّمَهَا بَيْنَهُمَا قَسَّمَهَا إذَا رَأَى الْإِمَامُ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ رَأَى الْإِمَامُ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ لِأَحَدِهِمَا حُجَّةٌ قَدْ اسْتَنْفَذَ الْإِمَامُ حُجَّتَهُمَا وَلَمْ تَبْقَ لَهُمَا حُجَّةٌ قَسَّمَهَا بَيْنَهُمَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى زَرْعًا فِي أَرْضٍ، وَادَّعَى الْآخَرُ ذَلِكَ الزَّرْعَ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ، وَرَبُّ الْأَرْضِ لَا يَدَّعِي الزَّرْعَ لِمَنْ تَجْعَلُ هَذَا الزَّرْعَ؟

قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي مِثْلِ هَذَا، أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِالزَّرْعِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُسْتَبْرَأَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يَسْأَلُهُمَا يَزِيدَاهُ بَيِّنَةً قَالَ: وَاَلَّذِي سَمِعْتُ عَنْهُ: أَنَّ كُلَّ مَا تَكَافَأَتْ فِيهِ الْبَيِّنَتَانِ وَلَيْسَ هُوَ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِثْلَ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ تُرِكَ حَتَّى يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا بِأَعْدَلَ مِمَّا أَتَى بِهِ صَاحِبُهُ فَيَقْضِي لَهُ بِهِ، إلَّا أَنْ يَطُولَ زَمَانُ ذَلِكَ وَلَا يَأْتِي وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ، غَيْرَ مَا أَتَيَا بِهِ أَوَّلًا، فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ يُخَافُ عَلَيْهِ، مِثْلُ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ، فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَى بِهِ قَلِيلًا، لَعَلَّهُ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ صَاحِبُهُ فَيَقْضِي لَهُ بِهِ. فَإِنْ لَمْ يَأْتِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ وَخِيفَ عَلَيْهِ، قَسَّمْتُهُ بَيْنَهُمَا. وَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ فِي الزَّرْعِ. وَرَأْيِي فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ عَلَى مَا أَخْبَرْتُكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَأْتِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ صَاحِبُهُ، فَيُقَسَّمُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ وَوَقْفَهُ يَصِيرُ إلَى ضَرَرٍ.

قُلْتُ: فَلَوْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ يَدَّعِي الزَّرْعَ، أَيَتْرُكُ الزَّرْعَ فِي يَدَيْ رَبِّ الْأَرْضِ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَانَ أَوْلَى بِذَلِكَ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ دَارًا لَيْسَتْ فِي يَدَيَّ ادَّعَيْت أَنَّهَا دَارِي فَأَقَمْتُ الْبَيِّنَةَ، وَادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ، أَيُقْضَى بِهَا بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ؟ وَهَلْ يُخْرِجُهَا مِنْ يَدَيَّ هَذَا الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا يُقْضَى بِهَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُسْتَبْرَأَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلَيْنِ يَدَّعِيَانِ السِّلْعَةَ وَلَيْسَتْ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتَكَافَأَتْ بَيِّنَتُهُمَا، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أَقْضِي بِهَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَآمُرُهُمَا أَنْ يَزِيدَا بَيِّنَةً.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ، أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ وَالْآخَرُ نَصْرَانِيٌّ، فَادَّعَى الْمُسْلِمُ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُسْلِمًا، وَقَالَ الْكَافِرُ: بَلْ مَاتَ أَبِي كَافِرًا، الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ وَكَيْفَ؟ إنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>