مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَأْخُذُ مَنْ قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْكُفَلَاءِ إلَّا بِثُلُثِ الْحَقِّ؛ لِأَنَّهُمْ كُفَلَاءُ ثَلَاثَةٌ قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ حِينَ تَكَفَّلُوا لَهُ: إنَّ بَعْضَهُمْ كَفِيلٌ عَنْ بَعْضٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا جَعَلَهُمْ كُفَلَاءَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، أَخَذَ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ غَرِمَ الْمَالَ أَحَدُ الْكُفَلَاءِ، ثُمَّ لَقِيَ الَّذِي غَرِمَ ذَلِكَ أَحَدُ الْكَفِيلَيْنِ، بِمَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ، أَبِالنِّصْفِ أَمْ بِالثُّلُثِ؟
قَالَ: أَرَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ.
قَالَ: وَلَوْ أَنَّهُمْ حِينَ تَكَفَّلُوا لَهُ، شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَيَّكُمْ شِئْتُ أَنْ آخُذَهُ بِحَقِّي أَخَذْتُهُ، وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ كُفَلَاءَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، فَأَخَذَ مَنْ وَجَدَ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ أَخَذَ مِنْهُ، أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَكَفَّلُوا لِلْغَارِمِ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا كَانَ الشَّرْطُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَيَّهُمْ شَاءَ أَخَذَ بِحَقِّهِ، وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَفَّلَ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ لِرَجُلٍ بِحَقِّهِ الَّذِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَنْ لَقِيَ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ الْحَقِّ؟
قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ يَكُونُوا تَحَمَّلُوا بِذَلِكَ الْحَقِّ. وَبَعْضُهُمْ أَيْضًا حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَأْخُذَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بِحَقِّهِ. فَإِنْ كَانُوا هَكَذَا، أَخَذَ مَنْ لَقِيَ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ حَقِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ حَمِيلًا عَنْ بَعْضٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَنْ لَقِيَ مِنْهُمْ إلَّا بِثُلُثِ الْمَالِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بِحَقِّهِ، فَأَخَذَ مِنْهُمْ بِالْحَقِّ رَجُلًا، لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الَّذِي أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الْحَقِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ مَعَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونُوا اشْتَرَطُوا عِنْدَ الْحَمَالَةِ أَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ، وَاشْتَرَطَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ أَنْ يَأْخُذَ مَنْ شَاءَ بِالْجَمِيعِ فَأَخَذَ بِذَلِكَ أَحَدَهُمْ، فَإِنَّهُ هَهُنَا يَرْجِعُ مِنْهُمْ مَنْ غَرِمَ عَلَى صَاحِبَيْهِ بِثُلُثَيْ مَا غَرِمَ، إذَا كَانَ فِي أَصْلِ الْحَمَالَةِ بَعْضُهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْض.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ حَضَرُوا وَكُلُّهُمْ مَيَاسِيرُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ إلَّا ثُلُثَ الْحَقِّ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْحَمِيلِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ مُوسِرًا لَمْ يُؤْخَذْ الْحَمِيلُ، وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا أُخِذَ الْحَمِيلُ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْحُمَلَاءِ مُعْدِمًا وَبَعْضُهُمْ مُوسِرًا أَخَذَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ حَقَّهُ مِنْ الَّذِي وَجَدَهُ مَلِيًّا مِنْهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرَطَ عَلَيْهِمْ فِي الْحَمَالَةِ أَنَّهُ يَأْخُذُ مَنْ شَاءَ بِحَقِّهِ، فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهُمْ بِالْجَمِيعِ وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ مَيَاسِيرَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْجَائِزِ عِنْدَهُمْ، أَنَّ الرَّجُلَ يَكْتُبُ حَقَّهُ عَلَى الرَّجُلَيْنِ، فَيَشْتَرِطُ أَنَّ حَيَّكُمَا عَنْ مَيِّتِكُمَا، وَمَلِيَّكُمَا عَنْ مُعْدِمِكُمَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْحَمَالَةِ يَتَحَمَّلُ بِهَا أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ.
قَالَ: ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي الثِّقَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ قَالَ نَحْوَ ذَلِكَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى سِتَّةِ رِجَالٍ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ بِجَمِيعِ الْمَالِ، أَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَمِيلٌ عَنْ أَصْحَابِهِ بِجَمِيعِ