للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَهْمٍ وَاحِدٍ جَمِيعُهُمْ، فَالشُّفْعَةُ بَيْنَهُمْ جَمِيعِهِمْ، فَلَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى مَنْ هُوَ أَقْعَدُ بِالْبَائِعِ مِنْ صَاحِبِهِ. قُلْت: فَإِنْ وُلِدَ لِأَحَدِهِمْ وَلَدٌ فَمَاتَ، وَبَاعَ أَحَدُ وَلَدِهِ، أَيَنْتَقِلُ هَذَا الْأَمْرُ، وَيَصِيرُونَ شُفَعَاءَ - بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ - دُونَ أَهْلِ السَّهْمِ الْأَوَّلِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ انْتَقَلُوا مِنْ حَالِ السَّهْمِ الْأَوَّلِ إلَى وِرَاثَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ، فَبَعَضُهُمْ أَوْلَى بِشُفْعَةِ بَعْضٍ، فَإِنْ سَلَّمَ هَؤُلَاءِ شُفْعَتَهُمْ فَالشُّفْعَةُ لِأَعْمَامِهِمْ عِنْدَ مَالِكٍ. وَإِنْ بَاعَ بَعْضُ الْأَعْمَامِ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ إخْوَتِهِ وَوَلَدِ إخْوَتِهِ جَمِيعًا، مِنْ قِبَلِ أَنَّ وَالِدَهُمْ كَانَ فِي ذَلِكَ السَّهْمِ الَّذِي وَرِثَهُ الْأَعْمَامُ؛ لِأَنَّ وَالِدَهُمْ كَانَ فِي ذَلِكَ السَّهْمِ وَلَيْسَ الْأَعْمَامُ مَعَهُمْ فِي شُفْعَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ صَارُوا أَهْلَ وِرَاثَةٍ دُونَ الْأَعْمَامِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَتَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ وَتَرَكَ دَارًا، فَلَمْ يَقْتَسِمْنَ الدَّارَ حَتَّى بَاعَتْ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ حِصَّتَهَا مَنْ الدَّارِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الشُّفْعَةُ لِأُخْتِهَا دُونَ عَمَّتَيْهِمَا؛ لِأَنَّهَا وَأُخْتَهَا أَهْلُ سَهْمٍ دُونَ عَمَّتَيْهِمَا، وَإِنَّمَا عَمَّتَاهُمَا هُنَا عِنْدَ مَالِكٍ عَصَبَةٌ. قُلْت: فَإِنْ لَمْ تَبِعْ الِابْنَةُ وَلَكِنْ بَاعَتْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ حِصَّتَهَا؟

قَالَ: فَالشُّفْعَةُ لِأُخْتِهَا وَلِلِابْنَتَيْنِ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ. قُلْت: وَلِمَ جَعَلَ مَالِكٌ الشُّفْعَةَ لِلْبَنَاتِ دُونَ الْأَخَوَاتِ، وَجَعَلَ شُفْعَةَ الْأَخَوَاتِ لِلْبَنَاتِ وَلِلْأَخَوَاتِ جَمِيعًا؟

قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا كَانَ أَهْلُ سَهْمٍ وَرِثُوا رَجُلًا، وَوَرِثَتْ مَعَهُمْ عَصَبَتُهُمْ، فَبَاعَ بَعْضُ أَهْلِ السَّهْمِ حِصَّتَهُ، فَأَهْلُ السَّهْمِ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ عَصَبَتِهِ. وَإِنْ بَاعَ أَحَدٌ مِنْ الْعَصَبَةِ حِصَّتَهُ فَأَهْلُ السَّهْمِ وَالْعَصَبَةُ فِي الشُّفْعَةِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ أَهْلَ السَّهْمِ هُوَ لَهُمْ شَيْءٌ مُسَمًّى فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَالْعَصَبَةُ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ مُسَمًّى وَلَيْسَ لَهُمْ سَهْمٌ مُسَمًّى.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَتَرَكَ نِصْفَ دَارٍ لَهُ - شِرْكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ فِي الدَّارِ مُشَاعَةً غَيْرَ مَقْسُومَةٍ، فَوِرْثَهُ عَصَبَتُهُ، فَبَاعَ رَجُلٌ مِنْ الْعَصَبَةِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّارِ، أَتَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلْعَصَبَةِ دُونَ شُرَكَائِهِمْ فِي الدَّارِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ مَالِكٌ: الشُّفْعَةُ لِلْعَصَبَةِ دُونَ شُرَكَائِهِمْ فِي الدَّارِ، فَإِنْ سَلَّمَ الْعَصَبَةُ الشُّفْعَةَ فَالشُّفْعَةُ لِشُرَكَائِهِمْ. قُلْت: لِمَ وَالْعَصَبَةُ هَهُنَا لَيْسُوا أَهْلَ سَهْمٍ مُسَمًّى؟

قَالَ:؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ وِرَاثَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَهْمٌ مُسَمًّى.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ هَلَكَ رَجُلٌ وَتَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَعَصَبَةً، وَتَرَكَ نِصْفَ دَارٍ شِرْكَتُهُ فِيهَا مُشَاعَةٌ غَيْرُ مَقْسُومَةٍ، فَبَاعَتْ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ حِصَّتَهَا فَسَلَّمَتْ أُخْتُهَا الشُّفْعَةَ، أَتَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلْعَصَبَةِ دُونَ الشُّرَكَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْعَصَبَةَ وَالْبَنَاتِ أَهْلُ وِرَاثَةٍ دُونَ الشُّرَكَاءِ. قُلْت: فَالْجَدَّتَانِ إذَا وَرِثَتَا السُّدُسَ، أَتَجْعَلُهُمَا أَهْلَ سَهْمٍ؟ وَتَحْمِلُهُمَا مَحْمَلَ أَهْلِ السَّهْمِ؟ أَمْ تَجْعَلهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْعَصَبَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُمَا بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ السَّهْمِ، الشُّفْعَةُ لَهُمَا دُونَ مَنْ وَرِثَ الْمَيِّتَ مَعَهُمَا؛ لِأَنَّ الْجَدَّتَيْنِ أَهْلُ سَهْمٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>