للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ لَا أَشْتَرِي وَهِيَ أَحَقُّ بِمَالِهَا أَنْ لَا تَشْتَرِيَ بِهِ شَيْئًا.

قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَاشْتِرَاؤُهَا وَبَيْعُهَا جَائِزٌ - رَضِيَ بِذَلِكَ زَوْجُهَا أَوْ لَمْ يَرْضَ - إلَّا أَنْ تُحَابِيَ فِي بَيْعِهَا وَاشْتِرَائِهَا فَيَأْبَى زَوْجُهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهَا. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَيْرَ مُوَلًّى عَلَيْهَا وَلَا سَفِيهَةٍ فِي عَقْلِهَا، فَبَاعَتْ وَاشْتَرَتْ فَحَابَتْ، أَيَكُونُ لِأَحَدِ مِنْ النَّاسِ - وَالِدٍ أَوْ غَيْرِهِ - أَنْ يَرُدَّ مُحَابَاتَهَا مَا خَلَا زَوْجَهَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إلَّا لِلزَّوْجِ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي ثُلُثِ جَمِيعِ مَالِهَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ الثُّلُثِ لَمْ يَجُزْ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَرَدَّ جَمِيعَهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

قَالَ: وَإِنْ أَعْطَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مَالَهَا كُلَّهَا جَازَ ذَلِكَ لِزَوْجِهَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ سَفِيهَةٍ، وَإِنَّمَا يَرُدُّ مِنْ عَطِيَّةِ ذَاتِ الزَّوْجِ عَطِيَّتَهَا لِغَيْرِ الزَّوْجِ. قُلْت: هَلْ تُورَثُ الشُّفْعَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْت: أَرَأَيْت مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى عَلَى عِوَضٍ، أَيَجُوزُ هَذَا؟ وَهَلْ تَكُونُ الدَّارُ لِمَنْ أَعْمَرَهَا وَلِوَرَثَتِهِ وَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، وَلَا يَجُوزُ هَذَا وَيُفْسَخُ؛ لِأَنَّ هَذَا اكْتَرَى حِصَّتَهُ مِنْ الدَّارِ حَيَاةَ هَذَا الْمُتَكَارِي، فَلَا يَجُوزُ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَى عِنْدَ مَالِكٍ مَرْجِعُهَا إلَى الَّذِي أَعْمَرَهَا.

قَالَ: فَإِنْ كَانَ اسْتَغَلَّ هَذَا الْمُعَمِّرُ، رَدَّ مَا اسْتَغَلَّ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ كَانَ مِنْ صَاحِبِهَا وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ فَاسِدَةً، وَيَكُونُ عَلَيْهِ إجَارَةُ مَا سَكَنَ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِدَارٍ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ، فَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ سِنِينَ، أَنَّ الَّذِي أَنْفَقَ عَلَيْهِ يَغْرَمُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، وَمَا اسْتَغَلَّ الَّذِي قَبَضَ الدَّارَ فَهُوَ لَهُ وَلَا يُقَاصُّهُ صَاحِبُ الدَّارِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ ضَامِنًا لِلدَّارِ فَصَارَ الْكِرَاءُ لَهُ بِالضَّمَانِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَتَفْسِيرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الصَّدَقَةِ هَهُنَا، إنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. وَأَمَّا مَسْأَلَتُك فِي الْعُمْرَى فَلَا يَجُوزُ هَذَا؛ لِأَنَّ الْعُمْرَى إنَّمَا ضَمَانُهَا مِنْ رَبِّهَا الَّذِي أَعْمَرَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ لِلَّذِي أَعْمَرَهَا.

قُلْت: أَرَأَيْت الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِالدَّارِ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ حَيَاتَهُ، إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ سِنِينَ ثُمَّ غَرِقَتْ الدَّارُ وَاحْتَرَقَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ غَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ حَتَّى صَارَتْ بَحْرًا، كَيْفَ يَصْنَعُونَ؟

قَالَ: يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ، وَيَأْخُذُ رَبُّ الدَّارِ مِنْ هَذَا الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ قِيمَةَ دَارِهِ يَوْمَ قَبَضَهَا هَذَا الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ فَاتَتْ فِي يَدَيْهِ، بِمَنْزِلَةِ الِاشْتِرَاء الْفَاسِدِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا فَانْهَدَمَتْ فِي يَدَيْهِ أَوْ احْتَرَقَتْ كَانَ ضَامِنًا لِقِيمَتِهَا، وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ عَلَى بَائِعِهِ؟ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ كُلِّهَا. قُلْت: وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مَقْسُومَةً؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَرْضًا وَنَخْلًا وَقُرًى وَشَفِيعُهَا وَاحِدٌ وَهِيَ فِي بُلْدَانٍ مُخْتَلِفَةٍ؟

قَالَ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْهَا فَقَالَ: يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعُ، وَلَمْ أَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْبُلْدَانِ. فَلَوْ كَانَ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>