للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَهْمُهُ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ إذَا تَرَكَ امْرَأَتَهُ وَعُصْبَتَهُ: إنَّهُ يُضْرَبُ لِلْمَرْأَةِ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَيُضَمُّ نَصِيبُ الْعُصْبَةِ إلَى شِقٍّ وَاحِدٍ.

قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُجْمَعُ نَصِيبُ اثْنَيْنِ فِي الْقَسْمِ وَإِنْ أَرَادَا ذَلِكَ، وَلَكِنْ يُقْسَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ عَلَى حِدَةٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَرَكَ الرَّجُلُ أُخْتَهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ، كَيْفَ تُقْسَمُ هَذِهِ الدَّارُ بَيْنَهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تُقْسَمُ عَلَى أَقَلِّهِمْ سَهْمًا. قَالَ: وَيُجْمَعُ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حِدَةٍ وَلَا يُفَرَّقُ. قَالَ: وَتَفْسِيرُ هَذَا عِنْدِي، أَنَّ الدَّارَ تُقْسَمُ عَلَى أَقَلِّهِمْ سَهْمًا، أَوْ الْأَرْضُ إنْ كَانَتْ أَرْضًا، فَيُضْرَبُ عَلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، فَإِنْ تَشَاحَّ الْوَرَثَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ اضْرِبْ عَلَى هَذَا الطَّرَفِ أَوَّلًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ اضْرِبْ عَلَى هَذَا الطَّرَفِ الْآخَرِ أَوَّلًا، ضَرَبَ الْقَاسِمُ بِالسِّهَامِ عَلَى أَيِّ الطَّرَفَيْنِ يَضْرِبُ عَلَيْهِ أَوَّلًا، فَعَلَى أَيِّ الطَّرَفَيْنِ يَخْرُجُ السَّهْمُ فَإِنَّهُ يَضْرِبُ عَلَيْهِ أَوَّلًا، وَيَأْخُذُ سِهَامَهُمْ فَيَضْرِبُ عَلَى هَذَا الطَّرَفِ، فَأَيُّ سَهْمٍ خَرَجَ مِنْ سِهَامِهِمْ إنْ كَانَتْ الِابْنَةُ أَوْ الْأُخْتُ أَوْ الْأُمُّ أَوْ الْمَرْأَةُ ضَمَّ إلَى سَهْمِهَا هَذَا بَقِيَّةَ حَقِّهَا حَتَّى يُكْمِلَهُ فِي مَوْضِعِهَا ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ثُمَّ يَضْرِبُ أَيْضًا سِهَامَ مَنْ بَقِيَ، فَإِنْ تَشَاجَرُوا فِي الطَّرَفَيْنِ ضَرَبَ الْقَاسِمُ أَيْضًا بِالسِّهَامِ عَلَى الطَّرَفَيْنِ، فَعَلَى أَيِّ الطَّرَفَيْنِ خَرَجَ السَّهْمُ ضَرَبَ بِسِهَامِهِمْ عَلَيْهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا أَكْمَلَ لَهَا بَقِيَّةَ نَصِيبِهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَإِذَا بَقِيَ مِنْهُنَّ اثْنَانِ وَتَشَاحَّا عَلَى الطَّرَفَيْنِ، لَمْ يَنْظُرْ إلَى قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَضَرَبَ الْقَاسِمُ عَلَى أَيِّ الطَّرَفَيْنِ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ إذَا ضَرَبَ عَلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَقَدْ ضَرَبَ لَهُمَا جَمِيعًا فِي الطَّرَفَيْنِ وَهَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ السِّهَامُ لَا تَعْتَدِلُ فِي الْقَسْمِ إلَّا أَنْ يَرْفَعُوا ذَلِكَ فِي الْحِسَابِ، فَيَصِيرُ سَهْمُ أَحَدِهِمْ لَا يَعْتَدِلُ حَتَّى يُضَعَّفَ إلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ، فَإِذَا ضُرِبَ عَلَيْهِ بِالسِّهَامِ فَخَرَجَ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْعَشَرَةِ ضُمَّتْ التِّسْعَةُ إلَيْهِ؟

قَالَ: نَعَمْ وَهَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا كَانَتْ السَّاحَةُ وَاسِعَةً، فَأَرَادُوا أَنْ يَقْسِمُوهَا وَفِي حَظِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَرْتَفِقُ بِهِ إذَا قُسِمَتْ بَيْنَهُمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ مَخْرَجٌ وَلَا طَرِيقٌ إلَّا مَنْ بَابِ الدَّارِ، فَاشْتَجَرُوا فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اجْعَلْهَا ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا: إنَّهُ يَتْرُكُ لَهُمْ طَرِيقًا قَدْرَ مَا تَدْخُلُ الْحَمُولَةُ وَقَدْرَ مَا يَدْخُلُونَ.

قُلْتُ: وَلَا يَتْرُكُ لَهُمْ مِنْ الطَّرِيقِ قَدْرَ عَرْضِ بَابِ الدَّارِ؟ قَالَ: لَا أَعْرِفُ هَذَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ.

قُلْتُ: هَلْ يَكُونُ لِلْجَارِ أَنْ يَرْفَعَ بُنْيَانَهُ فَيُجَاوِزَ بِهِ بُنْيَانَ جَارِهِ لِيُشْرِفَ عَلَيْهِ؟

قَالَ: لَهُ أَنْ يَرْفَعَ بُنْيَانَهُ إلَّا أَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: يُمْنَعُ مِنْ الضَّرَرِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ رَفَعَ بُنْيَانَهُ فَسَدَّ عَلَى جَارِهِ كُوَاهُ، أَظْلَمَتْ أَبْوَابُ غُرَفِهِ وَكُوَاهَا، وَمَنَعَهُ الشَّمْسَ أَنْ تَقَعَ فِي حُجْرَتِهِ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ إلَّا مَا أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ضَرَرِ جَارِهِ، وَلَا أَرَى أَنْ يَمْنَعَ هَذَا مِنْ الْبِنَاءِ تَمَّ كِتَابُ الْقِسْمَةِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ الْكُبْرَى وَيَلِيهِ كِتَابُ الْوَصَايَا الْأَوَّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>