للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّهْدِيدِ أَوْ الْقَيْدِ أَوْ الْوَعِيدِ أَوْ السِّجْنِ أَوْ الضَّرْبِ، أَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَقَرَّ بَعْدَ التَّهْدِيدِ أُقِيلَ، فَالْوَعِيدُ وَالْقَيْدُ وَالسِّجْنُ وَالضَّرْبُ تَهْدِيدٌ كُلُّهُ وَأَرَى أَنْ يُقَالَ.

قُلْتُ: وَالْوَعِيدُ وَالتَّهْدِيدُ - عِنْدَ مَالِكٍ - بِمَنْزِلَةِ السِّجْنِ وَالضَّرْبِ؟

قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ بِقَوْلِهِ فِي التَّهْدِيدِ فَمَا سَأَلْتَ عَنْهُ عِنْدِي مِثْلَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَرَّ بَعْدَ الْقَيْدِ وَالضَّرْبِ، ثُمَّ ثَبَتَ عَلَى إقْرَارِهِ، أَيُقِيمُ عَلَيْهِ مَالِكٌ الْحَدَّ وَإِنَّمَا كَانَ أَصْلُ إقْرَارِهِ غَيْرَ جَائِزٍ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا إلَّا مَا أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ قَالَ: يُقَالُ. وَأَنَا أَرَى أَنَّهُ مَا كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ أَمْنٍ مِنْ عُقُوبَةٍ يَعْرِفُ ذَلِكَ، فَأَرَى أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ يُخْبَرَ بِأَمْرٍ يَعْرِفُ بِهِ وَجْهَ صِدْقِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَعَيَّنَ، وَإِلَّا لَمْ أَرَ أَنْ يُقْطَعَ لِأَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ إقْرَارِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ قَدْ انْقَطَعَ، وَهَذَا كَأَنَّهُ إقْرَارٌ حَادِثٌ بَلْ هُوَ إقْرَارٌ حَادِثٌ. قُلْت: أَيُخَلَّى عَنْهُ إذَا كَانَ إقْرَارُهُ إنَّمَا كَانَ خَوْفًا مِنْهُ - فِي قَوْلِ مَالِكٍ - وَهُوَ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ إقْرَارِهِ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى أَنْ يُخَلَّى عَنْهُ، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ يُحْبَسَ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ أَمْرَهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ ضُرِبَ وَهُدِّدَ فَأَقَرَّ فَأَخْرَجَ الْقَتِيلَ، أَوْ أَخْرَجَ الْمَتَاعَ الَّذِي سُرِقَ، أَيُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ أَمْ لَا وَقَدْ أَخْرَجَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا أُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِذَلِكَ آمِنًا لَا يَخَافُ شَيْئًا.

قُلْتُ فَإِنْ جَاءَ بِبَعْضِ الْمَتَاعِ وَأَتْلَفَ بَعْضَ الْمَتَاعِ، أَتُضَمِّنُهُ بَقِيَّةَ الْمَتَاعِ إذَا جَاءَ بِوَجْهِ يُعْذَرُ بِهِ؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: أَفَتُضَمِّنُهُ الدِّيَةَ إذَا جَاءَ بِوَجْهٍ يَعْذُرُهُ بِهِ السُّلْطَانُ؟

قَالَ: لَا أُضَمِّنُهُ الدِّيَةَ. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا هُوَ رَأْيِي.

قُلْت: أَرَأَيْت السَّارِقَ إذَا شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ، أَتَسْتَحْسِنُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: قُلْ مَا سَرَقْتُ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَذْكُرُهُ عَنْهُ، وَلَا أَرَى لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ لَهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الْبَرْدُ الشَّدِيدُ أَوْ الْحَرُّ الشَّدِيدُ، فَأَتَى بِالسَّارِقِ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ، فَخَافَ الْإِمَامُ إنْ قَطَعَهُ أَنْ يَمُوتَ لِشِدَّةِ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ، أَيَرَى مَالِكٌ أَنْ يُؤَخِّرَهُ الْإِمَامُ؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَقُولُ فِي الْبَرْدِ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ أَنْ يُكَزَّ فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ يُؤَخِّرُهُ، وَأَرَى إنْ كَانَ الْحَرُّ أَمْرًا يُعْرَفُ خَوْفُهُ لَا يُشَكُّ فِيهِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَرْدِ فَأَرَاهُ مِثْلَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ، فَأَرَادَ الْإِمَامُ قَطْعَهُ، فَشَهِدَ آخَرُونَ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ، أَيَأْتِي الْقَتْلُ عَلَى السَّرِقَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِسَرِقَةٍ وَشَهِدَ عَلَيْهِ آخَرُونَ بِقَتْلٍ عَمْدًا فَعَفَا أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ، أَتَقْطَعُهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ يُقْطَعُ فِي رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ وَسَرَقَ لِمَ يَقْطَعُ يَمِينَهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لِلسَّرِقَةِ.

قُلْتُ: فَهَلْ تَكُونُ لِهَذَا الَّذِي قُطِعَتْ يَمِينُهُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ فَأَتَى رَجُلٌ فَأَصَابَ الْقَاطِعَ بَلَاءٌ مِنْ السَّمَاءِ فَذَهَبَتْ يَمِينُهُ، أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمَقْطُوعَةِ يَمِينُهُ عَلَى الْقَاطِعِ، لَا مِنْ دِيَةٍ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا، لِأَنَّ الَّذِي كَانَ حَقُّهُ فِيهِ قَدْ ذَهَبَ. فَكَذَلِكَ الَّذِي سَرَقَ وَقَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ إذَا قُطِعَ فِي السَّرِقَةِ، فَلَا شَيْءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>