للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ ذَهَبَتْ جِنَايَةُ الْمَجْرُوحِ أَمْرُهُمَا وَاحِدٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ أَكْثَرَ مِنْ الْجِنَايَةِ فَلَا يُكَلَّفُ إلَّا الْأَرْشُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَمَةً جَنَتْ جِنَايَةً. أَيُمْنَعُ سَيِّدُهَا مِنْ وَطْئِهَا حَتَّى يُنْظَرَ أَيَدْفَعُ أَمْ يَفْدِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُهُ مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا حَتَّى يُنْظَرَ أَيَدْفَعُ أَمْ يَفْدِي.

قُلْتُ: وَلِمَ قُلْتَ هَذَا؟

قَالَ: لِأَنَّهَا مَرْهُونَةٌ بِالْجُرْحِ حَتَّى يَفْدِيَهَا أَوْ يَدْفَعَهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدَيْنِ لِي قَتَلَا رَجُلًا خَطَأً فَقُلْتُ: أَنَا أَدْفَعُ أَحَدَهُمَا وَأَفْدِي الْآخَرَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبِيدِ إذَا قَتَلُوا إنْسَانًا حُرًّا خَطَأً أَوْ جَرَحُوا إنْسَانًا، إنَّهُمْ مُرْتَهَنُونَ بِدِيَةِ الْمَقْتُولِ أَوْ الْمَجْرُوحِ، وَتُقَسَّمُ الدِّيَةُ عَلَى عَدَدِهِمْ وَدِيَةُ الْجُرْحِ عَلَى عَدَدِهِمْ. فَمَنْ شَاءَ مِنْ أَرْبَابِ الْعَبِيدِ أَنْ يُسْلِمَ أَسْلَمَ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَفْتَكَّ افْتَكَّ بِقَدْرِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الدِّيَةِ، كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ أَكْثَرَ. لَوْ كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسَمِائَةٍ وَاَلَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ عُشْرُ الدِّيَةِ غَرِمَ عُشْرَ الدِّيَةِ وَحُبِسَ عَبْدُهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَاَلَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ النِّصْفُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ عَبْدَهُ حَتَّى يَدْفَعَ نِصْفَ الدِّيَةِ. قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ لَنَا مَالِكٌ فِي جِرَاحَاتِ أَرْبَابِ الْعَبِيدِ إذَا كَانُوا شَتَّى وَكَانَ رَبُّهُمْ وَاحِدًا، وَلَمْ يَخْتَلِفْ ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ رَبُّهُمْ وَاحِدًا أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَيَدْفَعَ مَنْ شَاءَ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ. وَقَدْ سُئِلَ فِيهِ مَالِكٌ غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ قَطُّ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ فُقِئَتْ عَيْنَا عَبْدِي جَمِيعًا، أَوْ قُطِعَتْ يَدَاهُ جَمِيعًا، مَا يُقَالُ لِلْجَارِحِ؟ قَالَ: يَضْمَنُهُ الْجَارِحُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا أَبْطَلَهُ هَكَذَا. فَإِنْ كَانَ جُرْحًا لَمْ يُبْطِلْهُ مِثْلَ فَقْءِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ أَوْ جَدْعِ أُذُنٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، كَانَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ وَلَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: هَذَا رَأْيِي. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَنَّهُ قَالَ: يُسْلَمُ إلَى الَّذِي صَنَعَ ذَلِكَ بِهِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَهَذَا رَأْيِي إذَا أَبْطَلَهُ عَلَى صَاحِبِهِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا فِي الْعَبِيدِ عَلَى جَارِحِهِمْ مَا نَقَصَهُمْ إلَّا الْمَأْمُومَةَ وَالْمُنَقِّلَةَ وَالْجَائِفَةَ وَالْمُوضِحَةَ، فَإِنَّهَا فِي قِيمَتِهِ مِثْلُ مُوضِحَةِ الْحُرِّ وَمَأْمُومَتِهِ وَمُنَقِّلَتِهِ وَجَائِفَتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَرَحَ عَبْدِي رَجُلًا فَقَطَعَ يَدَهُ خَطَأً وَقَتَلَ آخَرَ خَطَأً؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدَ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ جِرَاحَاتِهِمْ.

قُلْتُ: وَإِنْ اسْتَهْلَكَ مَعَ الْجِرَاحَاتِ أَمْوَالًا تَحَاصَّ أَهْلُ الْجِرَاحَاتِ فِي الْعَبْدِ بِقِيمَةِ مَا اُسْتُهْلِكَ لَهُمْ مَنْ الْأَمْوَالِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَ عَبْدِي رَجُلًا خَطَأً أَوْ فَقَأَ عَيْنَ آخَرَ خَطَأً، فَقَالَ السَّيِّدُ: أَنَا أَفْدِيهِ مِنْ جِنَايَتِهِ فِي الْقَتْلِ وَأَدْفَعُ إلَى صَاحِبِ الْعَيْنِ الَّذِي يَكُونُ لَهُ مِنْ الْعَبْدِ وَلَا أَفْدِيهِ؟ فَقَالَ: يُقَالُ لَهُ: ادْفَعْ إلَى صَاحِبِ الْعَيْنِ ثُلُثَ الْعَبْدِ وَافْدِ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ. وَيَكُونُ شَرِيكًا فِي الْعَبْدِ هُوَ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي الْعَيْنِ، يَكُونُ لِصَاحِبِ الْعَيْنِ ثُلُثُ الْعَبْدِ وَيَكُونُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ ثُلُثَا الْعَبْدِ.

قَالَ: وَهَذَا رَأْيِي وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ.

قُلْتُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>