السُّدُسِ وَهُوَ نِصْفُ جُزْءٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا فَتُقَسَّمُ قِيمَةُ الْحِقَّتَيْنِ عَلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا، فَمَا أَصَابَ جُزْءًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ قِيمَةِ الْحِقَّتَيْنِ فَهُوَ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَةِ، وَمَا أَصَابَ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ قِيمَةِ الْحِقَّتَيْنِ فَهُوَ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَةِ عَشَرَ وَمِائَةٍ، فَعَلَى هَذَا الْحِسَابِ يَتَرَادُّ الْخَلِيطَانِ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ لِرَجُلٍ تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ وَلِخَلِيطِهِ خَمْسٌ كَانَتْ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسِ شَاةٌ وَعَلَى صَاحِبِ التِّسْعِ شَاةٌ، وَكَانَ يَقُولُ: لَوْ أَمَرْتُهُمَا يَتَرَادَّانِ لَغَرِمَ صَاحِبُ الْخَمْسَةِ أَقَلَّ مِنْ شَاةٍ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا أَرَى ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَأَرَاهُمَا خَلِيطَيْنِ يَتَرَادَّانِ وَإِنْ صَارَ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَةِ أَقَلَّ مِنْ شَاةٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ تَفْسِيرُ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يَكُونَانِ خَلِيطَيْنِ إذَا كَانَ فِي مَاشِيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنْ كَانَ فِي مَاشِيَةِ أَحَدِهِمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَمْ يَكُنْ فِي مَاشِيَةِ الْآخَرِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَلَيْسَا بِخَلِيطَيْنِ إنَّمَا يَنْظُرُ الْمُصَدِّقُ إلَى الَّذِي فِي مَاشِيَتِهِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الزَّكَاةَ وَيَتْرُكُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَلَا يَحْسُبُ الْمُصَدِّقُ مَاشِيَةَ الَّذِي لَمْ تَبْلُغْ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا يَعْرِضُ لَهُمَا.
قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ كَانَتْ غَنَمُهُمَا كُلُّهَا لَا تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ، فَتَعَدَّى الْمُصَدِّقُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً وَفِي جَمِيعِهَا إذَا اجْتَمَعَتْ مَا تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ، أَتَرَاهَا عَلَى الَّذِي أُخِذَتْ مِنْ غَنَمِهِ خَاصَّةً أَوْ عَلَى عَدَدِ الْغَنَمِ؟
قَالَ: بَلْ أَرَاهَا عَلَى عَدَدِ الْغَنَمِ يَتَرَادَّانِ فِيهَا عَلَى عَدَدِ غَنَمِهِمَا.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً: لِوَاحِدٍ أَرْبَعُونَ وَلِلْآخَرِ خَمْسُونَ وَلِلْآخَرِ وَاحِدَةٌ فَأَخَذَ السَّاعِي مِنْهُمْ شَاةً وَهُمْ خُلَطَاءُ؟ فَقَالَ: مَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَهُ دُونَ الْأَرْبَعِينَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالشَّاةُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ وَالْخَمْسِينَ عَلَى تِسْعَةِ أَجْزَاءٍ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: قُلْتُ: فَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي شَاةَ صَاحِبِ الشَّاةِ فِي الصَّدَقَةِ؟ قَالَ: يَرْجِعُ بِهَا عَلَى شَرِيكَيْهِ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسِينَ بِخَمْسَةِ أَتْسَاعِهَا، وَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ بِأَرْبَعَةِ أَتْسَاعِهَا فَيَأْخُذُهَا مِنْهُمَا.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَا خَلِيطَيْنِ لِوَاحِدٍ عَشْرَةٌ وَمِائَةٌ وَلِلْآخَرِ إحْدَى عَشْرَةَ فَأَخَذَ السَّاعِي شَاتَيْنِ؟
فَقَالَ: يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْغَنَمِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِشْرُونَ عِشْرُونَ فَصَارَتْ أَرْبَعِينَ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَهِيَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا أَلَا تَرَى أَنَّ صَاحِبَ الْعَشَرَةِ وَمِائَةٍ لَوْلَا خَلَطَ صَاحِبُ الْإِحْدَى عَشْرَةَ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَدَخَلَتْ الْمَضَرَّةُ عَلَيْهِ مِنْهُ كَمَا دَخَلَتْ عَلَى صَاحِبَيْ الْأَرْبَعِينَ، أَدْخَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ الْمَضَرَّةَ فَلَزِمَهُمَا جَمِيعًا، فَكَذَلِكَ لَزِمَ هَذَيْنِ، وَأَنَّ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ لِأَحَدِهِمْ أَرْبَعُونَ وَلِلْآخَرِ خَمْسُونَ وَلِلْآخَرِ وَاحِدَةٌ لَمْ يُدْخِلْ صَاحِبُ الْوَاحِدَةِ عَلَيْهِمَا مَضَرَّةً، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوْ كَانَ وَحْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضُ الزَّكَاةِ، فَلَمَّا خَلَطَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا إلَّا شَاةٌ فَلَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهِمَا مِنْ صَاحِبِ الشَّاةِ مَضَرَّةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَا اثْنَيْنِ: لِوَاحِدٍ أَرْبَعُونَ وَلِآخَرَ ثَلَاثُونَ فَأَخَذَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute