للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُصَدِّقُ بِيَوْمٍ هَلَكَتْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلَّا تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ شَاةً؟ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا شَيْءٌ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ إذَا رَجَعَتْ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهَا فَلَا شَيْءَ لِلْمُصَدِّقِ، وَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّى هَذِهِ الْبَقِيَّةَ الَّتِي وَجَدَ لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ حَتَّى تَصِيرَ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهَا، ثُمَّ يَكُفُّ عَنْهَا وَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ إذَا رَجَعَتْ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهَا؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَتْ الْغَنَمُ فِي أَوَّلِ عَامٍ غَابَ عَنْهَا الْمُصَدِّقُ وَفِي الْعَامِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ أَرْبَعِينَ لَيْسَتْ بِأَكْثَرَ مَنْ أَرْبَعِينَ فِي هَذِهِ الْأَعْوَامِ الْأَرْبَعَةِ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْخَامِسِ أَفَادَ غَنَمًا أَوْ اشْتَرَاهَا فَصَارَتْ أَلْفَ شَاةٍ فَأَتَاهُ الْمُصَدِّقُ وَهِيَ أَلْفُ شَاةٍ؟ فَقَالَ: يُزَكِّي هَذِهِ الْأَلْفَ لِلْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ كُلِّهَا الْخَمْسِ سِنِينَ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى يَوْمِ أَفَادَهَا وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ وَالْإِبِلُ، قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّ الْفِتْنَةَ نَزَلَتْ حِينَ نَزَلَتْ فَأَقَامَ النَّاسُ سِتَّ سِنِينَ لَا سُعَاةَ لَهُمْ، فَلَمَّا اسْتَقَامَ أَمْرُ النَّاسِ بَعَثَ الْوُلَاةُ السُّعَاةَ فَأَخَذُوا مِمَّا وَجَدُوا فِي أَيْدِي النَّاسِ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ، وَلَمْ يَسْأَلُوهُمْ عَمَّا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ مِمَّا مَاتَ فِي أَيْدِيهِمْ وَلَا مِمَّا أَفَادُوهُ فِيهَا، فَبِهَذَا أَخَذَ مَالِكٌ، قَالَ: وَهُوَ الشَّأْنُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ قَدْ مَضَى لَهَا خَمْسَةُ أَحْوَالٍ لَمْ يَأْتِهِ فِيهَا الْمُصَدِّقُ؟ فَقَالَ: يَأْخُذُ مِنْهَا إذَا جَاءَهُ ابْنَةَ مَخَاضٍ وَسِتَّ عَشْرَةَ شَاةً، لِلسَّنَةِ الْأُولَى ابْنَةُ مَخَاضٍ وَلِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَلِلسَّنَةِ الثَّالِثَةِ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَلِلسَّنَةِ الرَّابِعَةِ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَلِلسَّنَةِ الْخَامِسَةِ أَرْبَعُ شِيَاهٍ فَذَلِكَ سِتَّ عَشْرَةَ شَاةً.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ لَهُ عِشْرُونَ وَمِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فَمَضَى لَهَا خَمْسُ سِنِينَ لَمْ يَأْتِهِ فِيهَا الْمُصَدِّقُ، ثُمَّ جَاءَهُ كَمْ يَأْخُذُ؟ فَقَالَ: يَأْخُذُ مِنْهَا لِأَوَّلِ سَنَةٍ حِقَّتَيْنِ وَلِلسَّنَةِ الثَّانِيَة حِقَّتَيْنِ وَلِلسَّنَةِ الثَّالِثَةِ حِقَّتَيْنِ وَلِلسَّنَةِ الرَّابِعَةِ حِقَّتَيْنِ وَلِلسَّنَةِ الْخَامِسَةِ حِقَّتَيْنِ فَذَلِكَ عَشْرُ حِقَاقٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ إحْدَى وَتِسْعِينَ مَنْ الْإِبِلِ فَمَضَى لَهَا خَمْسُ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُ الْمُصَدِّقُ، كَمْ يَأْخُذُ مِنْهَا؟ فَقَالَ: يَأْخُذُ لِأَوَّلِ سَنَةٍ حِقَّتَيْنِ وَلِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ بِنْتَيْ لَبُونٍ وَلِلسَّنَةِ الثَّالِثَةِ بِنْتَيْ لَبُونٍ وَلِلسَّنَةِ الرَّابِعَةِ بِنْتَيْ لَبُونٍ وَلِلسَّنَةِ الْخَامِسَةِ بِنْتَيْ لَبُونٍ فَيَصِيرُ ثَمَانِيَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّتَيْنِ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَعَلَى هَذَا فَقِسْ جَمِيعَ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ إذَا غَابَ عَنْهَا السَّاعِي.

قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ: أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ أَبِي الزِّنَادِ يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: كَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَعُلَمَائِهِمْ مِمَّنْ يُرْضَى وَيُنْتَهَى إلَى قَوْلِهِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ فِي مَشْيَخَةِ سِوَاهُمْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ أَهْلُ فِقْهٍ وَفَضْلٍ وَرُبَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّيْءِ، فَأَخَذَ يَقُولُ أَكْثَرُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ رَأْيًا، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فَكَانَ الَّذِي وَعَيْتُ عَنْهُمْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يُصَدِّقُ الْمُصَدِّقُ إلَّا مَا أَتَى عَلَيْهِ لَا يَنْظُرُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

قَالَ أَشْهَبُ: قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>