للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخْرُجَ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ وَيَدْخُلَ مُهِلًّا إمَّا بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ هُوَ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ بَعْدَمَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِعُمْرَتِهِ وَقَدْ كَانَ خَرَجَ إلَى الْحِلِّ فَلَيْسَ بِقَارِنٍ، وَعَلَيْهِ دَمٌ لِمَا أَخَّرَ مِنْ حِلَاقِ رَأْسِهِ فِي الْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ قَضَى عُمْرَتَهُ حِينَ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ عَلَيْهِ إلَّا الْحِلَاقُ، فَلَمَّا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَحْلِقَ فَأَخَّرَ ذَلِكَ فَصَارَ عَلَيْهِ لِتَأْخِيرِ الْحِلَاقِ دَمٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ: هَذَا الْآخَرُ، فِي الْمَكِّيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ تَمَتَّعَ الَّذِي يُحْرِمُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يُقَصِّرَ بَعْدَمَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ لِعُمْرَتِهِ يَقُولُ عَلَيْهِ الدَّمُ لِتَأْخِيرِ الْحِلَاقِ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَذَا قَدْ عَرَفْنَا قَوْلَ مَالِكٍ فِيمَنْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، فَمَا قَوْلُهُ فِيمَنْ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْعُمْرَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِيمَا سَمِعْتُ عَنْهُ وَهُوَ رَأْيِي.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوْ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْمِيقَاتِ ثُمَّ لَمْ يَدْخُلْ الْحَرَمَ وَهُوَ غَيْرُ مُرَاهِقٍ، أَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَاهِقٍ حَتَّى خَرَجَ إلَى عَرَفَاتٍ؟ قَالَ: أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ وَلَمْ يَدْخُلْ الْحَرَمَ فَلَا أَحْفَظُهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَلَكِنْ أَرَى أَنَّهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الدَّمُ، وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا أَوْ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ فَخَشِيَ إنْ طَافَ أَوْ سَعَى، أَنْ يَفُوتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَتَرَكَ ذَلِكَ وَخَرَجَ إلَى عَرَفَاتٍ وَفَرَضَ الْحَجَّ هَذَا الْمُعْتَمِرُ، وَمَضَى هَذَا الْحَاجُّ كَمَا هُوَ إلَى عَرَفَاتٍ وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُرَاهِقًا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَرَأَيْتُ هَذَا الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ الْحَرَمَ مِثْلَ هَذَا الَّذِي تَرَكَ الطَّوَافَ بَعْدَ دُخُولِ الْحَرَمِ إذَا كَانَ مُرَاهِقًا لَا دَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الدُّخُولِ وَالطَّوَافِ فَتَرَكَهُ عَلَيْهِ الدَّمُ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنْ مَكِّيًّا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ أَوْ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مَنْ خَارِجِ الْحَرَمِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الدَّمُ لِمَا تَرَكَ مِنْ الْإِحْرَامِ مِنْ دَاخِلِ الْحَرَمِ؟

قَالَ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ الدَّمُ.

قُلْتُ: وَإِنْ هُوَ مَضَى إلَى عَرَفَاتٍ وَلَمْ يَدْخُلْ الْحَرَمَ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الدَّمُ لِمَا تَرَكَ مِنْ أَنْ يَعُودَ إلَى الْحَرَمِ بَعْدَ إحْرَامِهِ إذَا كَانَ مُرَاهِقًا؟

قَالَ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ الدَّمُ، قَالَ: وَهَذَا رَجُلٌ زَادَ وَلَمْ يُنْقِصْ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْحَرَمِ لِأَنَّهُ كَانَ مُرَاهِقًا، فَلَمَّا خَرَجَ إلَى الْحِلِّ فَأَحْرَمَ مِنْهُ زَادَ وَلَمْ يُنْقِصْ.

قُلْتُ لَهُ: أَفَيَطُوفُ هَذَا الْمَكِّيُّ إذَا أَحْرَمَ مِنْ التَّنْعِيمِ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى عَرَفَاتٍ بِالْبَيْتِ، وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيَكُونُ خِلَافَ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ الْحَرَمِ، لِأَنَّ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ وَقَدْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَإِذَا طَافَ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ أَوْ الْمُتَمَتِّعُ مِنْ مَكَّةَ بِالْحَجِّ، فَلْيُؤَخِّرْ الطَّوَافَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَكَّةَ مِنْ عَرَفَاتٍ، فَإِذَا رَجَعَ طَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَلَوْ أَنَّ هَذَا الْمَكِّيَّ لَمَّا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ أَوْ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>