للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَسْتَلِمَهُ فَذَلِكَ لَهُ.

قُلْت، لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَيُّ مَوْضِعٍ يَقِفُ الرَّجُلُ مِنْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصْعَدَ إلَى أَعْلَاهَا فِي مَوْضِعٍ يَرَى الْكَعْبَةَ مِنْهُ.

قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: إذَا دَعَا، أَيَقْعُدُ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟

قَالَ مَالِكٌ: مَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ عِلَّةٌ. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَالنِّسَاءُ؟

قَالَ: مَا سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْهُنَّ إلَّا كَمَا أَخْبَرْتُك.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى أَنَّ النِّسَاءَ مِثْلَ الرِّجَالِ أَنَّهُنَّ يَقِفْنَ قِيَامًا إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِنَّ ضَعْفٌ أَوْ عِلَّةٌ، إلَّا أَنَّهُنَّ إنَّمَا يَقِفْنَ فِي أَصْلِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي أَسْفَلِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ صُعُودٌ عَلَيْهِمَا، إلَّا أَنْ يَخْلُوَ فَيَصْعَدْنَ.

قُلْت: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَذْكُرُ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ دُعَاءً مَوْقُوتًا؟

قَالَ: لَا، قُلْت: فَهَلْ ذَكَرَ لَكُمْ مِقْدَارَ كَمْ يَدْعُو عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَ: رَأَيْته كَأَنَّهُ يَسْتَحِبُّ الْمُكْثَ فِي دُعَائِهِ عَلَيْهِمَا.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ أَنْ تُرْفَعَ الْأَيْدِي عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟

قَالَ: رَفْعًا خَفِيفًا وَلَا يَمُدُّ يَدَيْهِ رَافِعًا، قَالَ: وَاَلَّذِي رَأَيْت أَنَّ مَالِكًا يَسْتَحِبُّ أَنْ يَتْرُكَ رَفْعَ الْأَيْدِي فِي كُلِّ شَيْءٍ، قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ؟

قَالَ: نَعَمْ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ، قَالَ: إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إنْ كَانَ فَرَفْعًا خَفِيفًا، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ: إنْ رَفَعَ أَيْضًا فَرَفْعًا خَفِيفًا. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَهَلْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْمَقَامَيْنِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا أَدْرِي مَا قَوْلُهُ فِيهِ وَلَا أَرَى أَنْ يَفْعَلَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْإِمَامِ إذَا أَمَرَ النَّاسَ بِالدُّعَاءِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ فِي مِثْلِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَالْأَمْرُ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْمُسْلِمِينَ مِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ؟

قَالَ: فَلْيَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ إذَا أَمَرَهُمْ، قَالَ: وَلْيَرْفَعُوا رَفْعًا خَفِيفًا، قَالَ: وَلْيَجْعَلُوا ظُهُورَ أَكُفِّهِمْ إلَى وُجُوهِهِمْ وَبُطُونَهَا إلَى الْأَرْضِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ مَنْ رَأَى مَالِكًا فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَدَعَا الْإِمَامُ فِي أَمْرٍ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ فَرَأَى مَالِكًا فَعَلَ ذَلِكَ، رَفَعَ يَدَيْهِ وَنَصَبَهُمَا وَجَعَلَ ظَاهِرَهُمَا مِمَّا يَلِي السَّمَاءَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ إذَا انْصَرَفَ مِنْ عَرَفَاتٍ أَنْ يَمُرَّ فِي غَيْرِ طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ، قَالَ: وَأَكْرَهُ لِلنَّاسِ هَذَا الَّذِي يَصْنَعُونَ يُقَدِّمُونَ أَبْنِيَتَهُمْ إلَى مِنًى قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَأَكْرَهُ لَهُمْ أَيْضًا أَنْ يَتَقَدَّمُوا هُمْ أَنْفُسُهُمْ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ إلَى مِنًى، قَالَ: وَأَكْرَهُ لَهُمْ أَنْ يَتَقَدَّمُوا إلَى عَرَفَةَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ هُمْ أَنْفُسُهُمْ أَوْ يُقَدِّمُوا أَبْنِيَتَهُمْ.

قَالَ مَالِكٌ: وَأَكْرَهُ الْبُنْيَانَ الَّذِي أَحْدَثَهُ النَّاسُ بِمِنًى، قَالَ وَمَا كَانَ بِعَرَفَةَ مَسْجِدٌ مُنْذُ كَانَتْ عَرَفَةُ، وَإِنَّمَا أُحْدِثَ مَسْجِدُهَا بَعْدَ بَنِي هَاشِمٍ بِعَشْرِ سِنِينَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَأَكْرَهُ بُنْيَانَ مَسْجِدِ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَسْجِدٌ مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ.

قَالَ فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَالْإِمَامُ أَيْنَ كَانَ يَخْطُبُ؟

قَالَ: فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَخْطُبُ فِيهِ وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ فِيهِ، كَانَ يَتَوَكَّأُ عَلَى شَيْءٍ وَيَخْطُبُ. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَتَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُقَدِّمَ النَّاسُ أَثْقَالَهُمْ مِنْ مِنًى أَوْ يُقَدِّمَ الرَّجُلُ ثِقَلَهُ مِنْ مِنًى؟

قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>