للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَفْته أَنْتَ لِنَفْسِك. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ تُوقَفُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: فَهَلْ يُبَاتُ مَا وَقَفَ بِهِ مِنْ الْهَدْيِ بِعَرَفَةَ فِي الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ؟

قَالَ: إنْ بَاتَ بِهِ فَحَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يَبِتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قُلْت: فَهَلْ يَخْرُجُ النَّاسُ بِالْهَدْيِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ كَمَا يَخْرُجُونَ إلَى مِنًى ثُمَّ يَدْفَعُونَ بِهَا كَمَا يَدْفَعُونَ إلَى عَرَفَاتٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يَقِفَ بِهَا بِعَرَفَةَ، وَلَا يَدْفَعُ بِهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، قَالَ: فَإِنْ دَفَعَ بِهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَقْفٍ. قُلْت: فَإِنْ عَادَ بِهَا فَوَقَفَهَا قَبْلَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ بِعَرَفَةَ أَيَكُونُ هَذَا وَقْفًا؟

قَالَ: نَعَمْ هُوَ عِنْدِي وَقْفٌ، وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ مِنْ عَرَفَةَ، قَالَ: إنْ أَدْرَكَ أَنْ يَرْجِعَ فَيَقِفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ كَانَ قَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، وَإِنْ فَاتَهُ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، فَعَلَيْهِ الْحَجُّ قَابِلًا وَكَذَلِكَ الْهَدْيُ، إلَّا أَنَّ الْهَدْيَ يُسَاقُ إلَى مَكَّةَ فَيُنْحَرُ بِهَا وَلَا يُنْحَرُ بِمِنًى. قُلْت: أَرَأَيْت مَا اشْتَرَى مِنْ الْهَدْيِ بِعَرَفَاتٍ فَوَقَفَهُ بِهَا أَلَيْسَ يُجْزِئُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مِنْ أَيْنَ يَسْتَحِبُّ مَالِكٌ لِلْمُعْتَمِرِينَ وَأَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يُحْرِمُوا بِالْحَجِّ؟ قَالَ: مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَتَى يُقَلَّدُ الْهَدْيُ وَيُشْعَرُ وَيُجَلَّلُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ صَاحِبُهُ يُقَلِّدُ وَيُشْعِرُ وَيُجَلِّلُ، ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَلَا يُحْرِمُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَكِنْ إذَا خَرَجَ فَرَكِبَ رَاحِلَتهُ فِي فِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ لَبَّى وَلَمْ يَنْتَظِرْ أَنْ يَسِيرَ وَيَنْوِيَ بِالتَّلْبِيَةِ الْإِحْرَامَ إنْ حَجٌّ فَحَجٌّ، وَإِنْ عُمْرَةٌ فَعُمْرَةٌ وَإِنْ كَانَ قَارِنًا فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: إذَا كَانَ قَارِنًا فَوَجْهُ الصَّوَابِ فِيهِ أَنْ يَقُولَ: لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ. يَبْدَأُ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجَّةِ، قَالَ: وَلَمْ أَسْأَلْهُ أَيَتَكَلَّمُ بِذَلِكَ أَمْ يَنْوِي بِقَلْبِهِ الْعُمْرَةَ ثُمَّ الْحَجَّةَ إذَا هُوَ لَبَّى، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: النِّيَّةُ تَكْفِي فِي الْإِحْرَامِ وَلَا يُسَمِّي عُمْرَةً وَلَا حَجَّةً، قَالَ: وَأَرَى فِي الْقَارِنِ أَيْضًا أَنَّ النِّيَّةَ تُجْزِئُهُ وَيُقَدِّمُ الْعُمْرَةَ فِي نِيَّتِهِ قَبْلَ الْحَجِّ، قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ كَانَ مَاشِيًا فَحِينَ يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَيَتَوَجَّهُ لِلذَّهَابِ فَيُحْرِمُ وَلَا يَنْتَظِرُ أَنْ يَظْهَرَ بِالْبَيْدَاءِ.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ قَلَّدَ وَهُوَ يُرِيدُ الذَّهَابَ مَعَ هَدْيِهِ إلَى مَكَّةَ، أَيَكُونُ بِالتَّقْلِيدِ أَوْ بِالْإِشْعَارِ أَوْ بِالتَّجْلِيلِ مُحْرِمًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا حَتَّى يُحْرِمُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُقَلِّدُ ثُمَّ يُشْعِرُ ثُمَّ يُجَلِّلُ فِي رَأْيِي وَكُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ ضَفَّرَ أَوْ عَقَصَ أَوْ لَبَّدَ أَوْ عَقَدَ، أَيَأْمُرُهُ مَالِكٌ بِالْحِلَاقِ؟

قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: لِمَ أَمَرَهُمْ مَالِكٌ بِالْحِلَاقِ؟ قَالَ: لِلسُّنَّةِ. قُلْت: وَمَا مَعْنَى هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَكُمْ وَلَا تُشُبِّهُوا بِالتَّلْبِيدِ؟

قَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّ السُّنَّةَ جَاءَتْ فِيمَنْ لَبَّدَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحِلَاقُ، فَقِيلَ لَهُ مَنْ عَقَصَ أَوْ ضَفَّرَ فَلْيَحْلِقْ وَلَا تُشُبِّهُوا أَيْ لَا تُشُبِّهُوا عَلَيْنَا فَإِنَّهُ مِثْلُ التَّلْبِيدِ.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ ذَكَرَ لَكُمْ مَالِكٌ كَمْ تَأْخُذُ الْمَرْأَةُ مِنْ شَعْرِهَا فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، الشَّيْءَ الْقَلِيلَ، قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>