للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ هَذَا الْحَجَّامُ مُحْرِمًا فَدَعَاهُ مُحْرِمٌ إلَى أَنْ يُسَوِّيَ شَعْرَهُ أَوْ يَحْلِقَ الشَّعْرَ مِنْ قَفَاهُ وَيُعْطِيَهُ عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا، وَالْحَجَّامُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْتُلُ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ فِي حَلْقِهِ الشَّعْرَ مِنْ قَفَاهُ، أَيُكْرَهُ لِلْحَجَّامِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ؟

قَالَ: نَعَمْ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ الَّذِي سَأَلَ الْحَجَّامَ ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فَأَكْرَهُ لِلْحَجَّامِ أَنْ يُعِينَهُ عَلَى ذَلِكَ، قُلْت: فَإِنْ فَعَلَ؟

قَالَ: لَا أَرَى عَلَى الْحَجَّامِ شَيْئًا وَأَرَى عَلَى الْآخَرِ الْفِدْيَةَ، قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُ رَأْيِي.

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَّرَ الرَّجُلُ الْحِلَاقَ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى وَلَمْ يَحْلِقْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ الدَّمُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ وَكَيْفَ بِمَنْ حَلَقَ فِي الْحِلِّ وَلَمْ يَحْلِقْ فِي الْحَرَمِ فِي أَيَّامِ مِنًى أَوْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ حَتَّى رَجَعَ إلَى بِلَادِهِ؟

قَالَ: أَمَّا الَّذِي أَخَّرَ حَتَّى رَجَعَ إلَى مَكَّةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الَّذِي تَرَكَ الْحِلَاقَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى بِلَادِهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَيُقَصِّرُ أَوْ يَحْلِقُ، وَأَمَّا الَّذِي حَلَقَ فِي الْحِلِّ فِي أَيَّامِ مِنًى فَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أُحْصِرَ بَعْدُ وَلَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ أَيَحْلِقُ وَيَحِلُّ مَكَانَهُ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ هَدْيٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُحْصَرَ بِمَرَضٍ يَكُونُ مَعَهُ الْهَدْيُ أَيَبْعَثُ بِهِ إذَا أُحْصِرَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى إذَا صَحَّ سَاقَ هَدْيَهُ مَعَهُ؟

قَالَ: يَحْبِسُهُ حَتَّى يَنْطَلِقَ بِهِ مَعَهُ إلَّا أَنْ يُصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ مَرَضٌ يَتَطَاوَلُ عَلَيْهِ وَيَخَافُ عَلَى الْهَدْيِ، فَلْيَبْعَثْ بِهَدْيِهِ وَيَنْتَظِرْ هُوَ حَتَّى إذَا صَحَّ مَضَى، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَحِلُّ هُوَ دُونَ الْبَيْتِ، وَعَلَيْهِ إذَا حَلَّ إنْ كَانَ قَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ هَدْيٌ آخَرُ، وَلَا يُجْزِئُهُ الْهَدْيُ الَّذِي بَعَثَ بِهِ عَنْ الْهَدْيِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ فَوَاتِ الْحَجِّ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ لَمْ يَبْعَثْ بِهَدْيِهِ وَفَاتَهُ الْحَجُّ فَلَا يُجْزِئُهُ أَيْضًا ذَلِكَ الْهَدْيُ مِنْ فَوَاتِ حَجِّهِ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يَكُونُ هَدْيُ فَوَاتِ الْحَجِّ مَعَ حَجَّةِ الْقَضَاءِ.

قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ بِعُمْرَةٍ وَمَعَهَا هَدْيٌ فَحَاضَتْ بَعْدَمَا دَخَلَتْ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ أَوْقَفَتْ هَدْيَهَا مَعَهَا حَتَّى تَطْهُرَ وَلَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَنْحَرَ هَدْيَهَا وَهِيَ حَرَامٌ، وَلَكِنْ تَحْبِسُهُ حَتَّى إذَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَسَعَتْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ نَحَرَتْ هَدْيَهَا وَقَصَّرَتْ مِنْ شَعْرِهَا ثُمَّ قَدْ حَلَّتْ، قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُرِيدُ الْحَجَّ وَخَافَتْ الْفَوَاتَ وَلَا تَسْتَطِيعُ الطَّوَافَ لِحَيْضَتِهَا، أَهَلَّتْ بِالْحَجِّ وَسَاقَتْ هَدْيَهَا مَعَهَا إلَى عَرَفَاتٍ فَأَوْقَفَتْهُ وَلَا تَنْحَرُهُ إلَّا بِمِنًى، وَأَجْزَأَ عَنْهَا هَدْيُهَا مِنْ قِرَانِهَا وَسَبِيلُهَا سَبِيلُ مَنْ قَرَنَ.

قُلْت: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يَتَطَيَّبَ الرَّجُلُ إذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ أَنْ يَفِيضَ؟

قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: فَإِنْ فَعَلَ أَتَرَى عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا جَاءَ فِيهِ، قُلْت: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يُوجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ إذَا حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ وَأَظْفَارِهِ؟

قَالَ: لَمْ يَكُنْ يُوجِبُهُ، وَلَكِنْ كَانَ يَسْتَحِبُّ لَهُ إذَا حَلَقَ أَنْ يُقَلِّمَ وَأَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَارِبِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَفْعَلُهُ.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا حَرَامًا أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَتَفَ شَعْرَةً أَوْ شَعَرَاتٍ يَسِيرَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>