للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْثُ أَحَبَّ مِنْ الْبُلْدَانِ إذَا كَانَ الْهَدْيُ الَّذِي يُشْتَرَى يَبْلُغُ مِنْ حَيْثُ يُشْتَرَى.

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ بَقَرِي هَذِهِ وَهُوَ بِإِفْرِيقِيَةَ فَبَاعَهَا وَبَعَثَ بِثَمَنِهَا، أَيُجْزِئُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا بَعِيرًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: يُجْزِئُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا إبِلًا فَيُهْدِيَهَا، لِأَنِّي لَمَّا أَجَزْت الْبَيْعَ لِبُعْدِ الْبَلَدِ صَارَتْ الْبَقَرُ كَأَنَّهَا دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ، فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ بَعِيرًا وَإِنْ قَصَّرَ عَنْ الْبَعِيرِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ غَنَمًا، قَالَ: وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَشْتَرِيَ غَنَمًا إلَّا أَنْ يُقَصِّرَ الثَّمَنَ عَنْ الْبَعِيرِ وَالْبَقَرِ.

قُلْت: فَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ غَنَمِي هَذِهِ أَوْ بَقَرِي هَذِهِ فَحَنِثَ، وَذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ يَبْلُغُ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ مِنْهُ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهَا بِأَعْيَانِهَا هَدْيًا وَلَا يَبِيعُهَا وَيَشْتَرِي مَكَانَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ فَحَنِثَ، أَوْ قَالَ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَحَنِثَ أَجْزَأَهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ سَمَّى شَيْئًا بِعَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ جَمِيعَ مَالِهِ، فَقَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ بِعَبْدِي هَذَا وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ قَالَ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ إنْ كَانَ حَلَفَ بِالصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ قَالَ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلْيَجْعَلْهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قُلْت: أَيَبْعَثُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَوْ يَبِيعُهُ وَيَبْعَثُ بِثَمَنِهِ؟

قَالَ: بَلْ يَبِيعُهُ فَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ إلَى مَنْ يَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ مَوْضِعِهِ إنْ وَجَدَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَبْعَثْ بِثَمَنِهِ، قُلْت: فَإِنْ حَنِثَ وَيَمِينُهُ بِتَصَدُّقِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَيَبِيعُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ فَرَسًا أَوْ سِلَاحًا أَوْ سُرُوجًا أَوْ أَدَاةً مِنْ أَدَاةِ الْحَرْبِ؟ فَقَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُسَمِّيهَا بِأَعْيَانِهَا، أَيَبِيعُهَا أَمْ يَجْعَلُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: بَلْ يَجْعَلُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَعْيَانِهَا إنْ وَجَدَ مَنْ يَقْبَلُهَا إذَا كَانَ سِلَاحًا أَوْ دَوَابَّ أَوْ أَدَاةَ الْحَرْبِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ لَا يَبْلُغُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ الْجِهَادُ وَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ وَلَا مَنْ يُبْلِغُهُ لَهُ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ وَيَبْعَثَ بِثَمَنِهِ فَيَجْعَلُ ثَمَنَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قُلْت: أَفَيَجْعَلُ ثَمَنَهُ فِي مِثْلِهِ أَوْ يُعْطِيه دَرَاهِمَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَاهُ أَنْ يَجْعَلَ فِي مِثْلِهِ مِنْ الْأَدَاةِ وَالْكُرَاعِ.

قُلْت: مَا فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْبَقَرِ إذَا جَعَلَهَا هَدْيًا جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ بِأَثْمَانِهَا الْإِبِلَ إذَا لَمْ يَبْلُغْ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْبَقَرَ وَالْإِبِلَ إنَّمَا هِيَ كُلُّهَا لِلْأَكْلِ، وَهَذِهِ إذَا كَانَتْ كُرَاعًا أَوْ سِلَاحًا فَإِنَّمَا هِيَ قُوَّةٌ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ لَيْسَ لِلْأَكْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَهُ فِي مِثْلِهِ.

قُلْت: فَإِنْ كَانَ حَلَفَ بِصَدَقَةِ هَذِهِ الْخَيْلِ وَهَذَا السِّلَاحِ وَهَذِهِ الْأَدَاةِ، بَاعَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ أَنْ يُهْدِيَهُ بَاعَهُ وَأَهْدَى ثَمَنَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْت: فَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَمَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّمَا سَبِيلُ اللَّهِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي مَوَاضِعِ الْجِهَادِ وَالرِّبَاطِ؟

قَالَ مَالِكٌ: سُبُلُ اللَّهِ كَثِيرَةٌ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْجِهَادِ، قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>