للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، لِأَنَّ الْكَعْبَةَ لَا تُنْقَضُ فَتُبْنَى بِمَالِ هَذَا وَلَا يُنْقَضُ الْبَابُ فَيُجْعَلُ مَالُ هَذَا فِيهِ. قَالَ وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: رِتَاجُ الْكَعْبَةِ هُوَ الْبَابُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ مَالِي فِي حَطِيمِ الْكَعْبَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَطِيمَ لَا يُبْنَى فَتُجْعَلُ نَفَقَةٌ هَذَا فِي بُنْيَانِهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَبَلَغَنِي أَنَّ الْحَطِيمَ فِيمَا بَيْنَ الْبَابِ إلَى الْمَقَامِ، قَالَ وَأَخْبَرَنِي بِهِ بَعْضُ الْحَجَبَةِ. قَالَ: وَمَنْ قَالَ أَنَا أَضْرِبُ بِمَالِي حَطِيمَ الْكَعْبَةِ، فَهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ أَوْ الْعُمْرَةُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ أَنَا أَضْرِبُ بِكَذَا وَكَذَا الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ فَإِنَّهُ يَحُجُّ أَوْ يَعْتَمِرُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرُدَّ حُمْلَانَ ذَلِكَ الشَّيْءِ عَلَى عُنُقِهِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَا يَبْعَثُ بِهِ إلَى الْبَيْتِ مِنْ الْهَدَايَا، مَنْ الثِّيَابِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْعُرُوضِ، أَتُدْفَعُ إلَى الْحَجَبَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ لِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ هُوَ هَدْيٌ قَالَ: يَبِيعُهُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ هَدْيًا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ لَا يَكُونُ فِي مِثْلِهِ هَدْيٌ وَلَا شَاةٌ، رَأَيْت أَنْ يُدْفَعَ إلَى خُزَّانِ الْكَعْبَةِ يَجْعَلُونَهُ فِيمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ شَأْنِ الْكَعْبَةِ. وَلَقَدْ سَمِعْت مَالِكًا، وَذَكَرَ أَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَشْتَرِكُوا مَعَ الْحَجَبَةِ فِي الْخِزَانَةِ، فَأَعْظَمَ ذَلِكَ وَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الَّذِي دَفَعَ الْمَفَاتِيحَ إلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَكَأَنَّهُ رَأَى هَذِهِ وِلَايَةً مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْظَمَ أَنْ يُشْرِكَ مَعَهُمْ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَنْحَرَ بَدَنَةً أَيْنَ يَنْحَرُهَا؟

قَالَ: بِمَكَّةَ. قُلْت: وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ؟

قَالَ: يَنْحَرُهُ أَيْضًا بِمَكَّةَ، قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَإِنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَنْحَرَ جَزُورًا أَيْنَ يَنْحَرُهُ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ جَزُورٌ أَيْنَ يَنْحَرُهُ؟

قَالَ: يَنْحَرُهُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، قَالَ لِي مَالِكٌ وَلَوْ نَوَى مَوْضِعًا فَلَا يَنْحَرُهُ إلَّا بِمَوْضِعِهِ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كَانَ الْجَزُورُ بِعَيْنِهِ أَمْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ ذَلِكَ سَوَاءٌ، قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: فَإِنْ نَذَرَهُ لِمَسَاكِينِ الْبَصْرَةِ أَوْ مِصْرَ وَكَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَغَيْرِ أَهْلِ مِصْرَ؟

قَالَ: نَعَمْ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ نَذَرَهُ لِمَسَاكِينِ الْبَصْرَةِ وَمِصْرَ، فَلْيَنْحَرْهَا بِمَوْضِعِهَا وَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ عِنْدَهُ إذَا كَانَتْ بِعَيْنِهَا أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا، أَوْ نَذَرَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ فَيَسُوقَهُ إلَى مِصْرَ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَسُوقُ الْبُدْنِ إلَى غَيْرِ مَكَّةَ مِنْ الضَّلَالِ.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ سَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ يَؤُمُّ الْبَيْتَ مَتَى يُقَلِّدُهُ وَيُشْعِرُهُ؟

قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَوْ أَهْلِ مِصْرَ يَشْتَرِي بَدَنَةً بِالْمَدِينَةِ يُرِيدُ أَنْ يُقَلِّدَهَا وَيُشْعِرَهَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَيُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ إلَى الْجُحْفَةِ؟

قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ إذَا كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ أَنْ يُقَلِّدَ وَيُشْعِرَ إلَّا عِنْدَمَا يُرِيدُ أَنْ يُحْرِمَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا لَا يُرِيدُ أَنْ يَحُجَّ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُقَلِّدَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ. قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ بَعَثَ بِهَدْيِ تَطَوُّعٍ مَعَ رَجُلٍ حَرَامٍ، ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَحُجَّ فَحَجَّ وَخَرَجَ فَأَدْرَكَ هَدْيَهُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى إنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ رَأَيْت أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>