لَيْلَةً مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَصَنَعَتْ مَا تَصْنَعُ الْمُسْتَحَاضَةُ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: أَرَى أَنْ تَسْتَظْهِرَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ تُصَلِّي وَتَرَكَ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ خَمْسَةَ عَشَرَ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ وَتَرَى الصُّفْرَةَ أَوْ الْكُدْرَةَ فِي أَيَّامِ حَيْضَتِهَا أَوْ فِي غَيْرِ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا فَذَلِكَ حَيْضٌ وَإِنْ لَمْ تَرَ ذَلِكَ دَمًا؟
قَالَ: وَإِذَا دَفَعَتْ دَفْعَةً فَتِلْكَ الدَّفْعَةُ حَيْضٌ، وَقَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ فَلَا تَدْفَعُ إلَّا دَفْعَةً فِي لَيْلٍ أَوْ فِي نَهَارٍ إنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ حَيْضٌ فَإِنْ انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ وَلَمْ تَدْفَعْ إلَّا تِلْكَ الدَّفْعَةَ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ.
قُلْتُ: فَهَلْ حَدَّ مَالِكٌ فِي هَذَا مَتَى تَغْتَسِلُ؟
قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ قَالَ: إذَا عَلِمَتْ أَنَّهَا أَظْهَرَتْ اغْتَسَلَتْ: إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَرَى الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ فَحِينَ تَرَى الْقَصَّةَ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَرَى الْقَصَّةَ فَحِينَ تَرَى الْجُفُوفَ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْجُفُوفُ عِنْدِي أَنْ تُدْخِلَ الْخِرْقَةَ فَتُخْرِجَهَا جَافَّةً، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ رَأَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَيَّامِ الدَّمَ إذَا كَانَ الدَّمُ الثَّانِي قَرِيبًا مِنْ الدَّمِ الْأَوَّلِ فَهُوَ مُضَافٌ إلَى الدَّمِ الْأَوَّلِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ وَمَا كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ الْأَيَّامِ طُهْرٌ، وَإِنْ كَانَ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ مُتَبَاعِدًا فَالدَّمُ الثَّانِي حَيْضٌ وَلَمْ يُوَقِّتْ كَمْ ذَلِكَ إلَّا قَدْرَ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا حَيْضَةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ وَيَعْلَمُ أَنَّ مَا بَيْنَهَا مِنْ الْأَيَّامِ مَا يَكُونُ طُهْرًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ الدَّمَ يَوْمًا ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهَا يَوْمَيْنِ ثُمَّ رَأَتْهُ يَوْمًا بَعْدَ الْيَوْمَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ رَأَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، قَالَ: إذَا اخْتَلَطَ هَكَذَا حَسَبَتْ أَيَّامَ الدَّمِ وَأَلْغَتْ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي لَمْ تَرَ فِيهَا دَمًا فَإِذَا اسْتَكْمَلَتْ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ قَدْرَ أَيَّامِهَا الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهَا اسْتَظْهَرَتْ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ اخْتَلَطَ عَلَيْهَا أَيْضًا أَيَّامُ الِاسْتِظْهَارِ حَسَبَتْ أَيَّامَ الدَّمِ وَأَلْغَتْ أَيَّامَ الطُّهْرِ الَّتِي فِيمَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ، فَإِذَا اسْتَكْمَلَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ بَعْدَ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَكَانَتْ مُسْتَحَاضَةً بَعْدَ ذَلِكَ وَالْأَيَّامُ الَّتِي اسْتَظْهَرَتْ بِهَا هِيَ فِيهَا حَائِضٌ وَهِيَ مُضَافَةٌ إلَى الْحَيْضِ إنْ رَأَتْ الدَّمَ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَرَهُ، وَالْأَيَّامُ الَّتِي كَانَتْ تَلْغِيهَا فِيمَا بَيْنَ الدَّمِ الَّتِي كَانَتْ لَا تَرَى فِيهَا مَا تُصَلِّي فِيهَا وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَتَصُومُهَا وَهِيَ فِيهَا طَاهِرٌ، وَلَيْسَتْ تِلْكَ الْأَيَّامُ بِطُهْرٍ تَعْتَدُّ بِهِ فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَ تِلْكَ الْأَيَّامِ مِنْ الدَّمِ وَاَلَّتِي بَعْدَ تِلْكَ الْأَيَّامِ قَدْ أُضِيفَ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ تُجْعَلُ حَيْضَةً وَاحِدَةً، وَكَانَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ الطُّهْرِ مُلْغًى ثُمَّ تَغْتَسِلُ بَعْدَ الِاسْتِظْهَارِ وَتُصَلِّي وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ إنْ رَأَتْ الدَّمَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ، وَتَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ إذَا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ مِنْ أَيَّامِ الطُّهْرِ وَإِنَّمَا أُمِرَتْ أَنْ تَغْتَسِلَ لِأَنَّهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ الدَّمَ لَا يَرْجِعُ إلَيْهَا وَلَا تَكُفُّ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ تَطَاوَلَ بِهَا الدَّمُ الْأَشْهُرَ إلَّا أَنْ تَرَى فِي ذَلِكَ دَمًا لَا تَشُكُّ وَتَسْتَيْقِنُ أَنَّهُ دَمُ حَيْضَةٍ فَلْتَكُفَّ عَنْ الصَّلَاةِ.
وَيَكُونُ لَهَا ذَلِكَ عِدَّةً مِنْ طَلَاقٍ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَيْقِنْ لَمْ تَكُفَّ عَنْ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ عِدَّةً وَكَانَتْ عِدَّتُهَا عِدَّةَ الْمُسْتَحَاضَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute