للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْحَرُورِيَّةِ وَأَهْلِ الْأَهْوَاءِ كُلِّهِمْ: أَرَى أَنْ يُسْتَتَابُوا فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْحَرُورِيَّةِ وَمَا أَشْبَهَهُمْ: إنَّهُمْ يُقْتَلُونَ إذَا لَمْ يَتُوبُوا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا، وَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّهُمْ إنْ خَرَجُوا عَلَى إمَامٍ عَدْلٍ يُرِيدُونَ قِتَالَهُ وَيَدْعُونَ إلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ دُعُوا إلَى الْجَمَاعَةِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنْ أَبَوْا قُوتِلُوا. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْت مَالِكًا عَنْ أَهْلِ الْعَصَبِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا بِالشَّامِ؟

قَالَ مَالِكٌ: أَرَى الْإِمَامَ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إلَى الرُّجُوعِ إلَى مُنَاصَفَةِ الْحَقِّ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ رَجَعُوا وَإِلَّا قُوتِلُوا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْخَوَارِجَ إذَا خَرَجُوا فَأَصَابُوا الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ ثُمَّ تَابُوا وَرَجَعُوا؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ: الدِّمَاءُ مَوْضُوعَةٌ عَنْهُمْ، وَأَمَّا الْأَمْوَالُ فَإِنْ وَجَدُوا شَيْئًا عِنْدَهُمْ بِعَيْنِهِ أَخَذُوهُ، وَإِلَّا لَمْ يُتْبَعُوا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ لَهُمْ الْأَمْوَالُ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا اسْتَهْلَكُوهَا عَلَى التَّأْوِيلِ وَهُوَ الَّذِي سَمِعْت.

قُلْتُ: فَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْمُحَارِبِينَ وَالْخَوَارِجِ فِي الدِّمَاءِ؟ قَالَ: لِأَنَّ الْخَوَارِجَ خَرَجُوا عَلَى التَّأْوِيلِ، وَالْمُحَارِبِينَ خَرَجُوا فِسْقًا وَخُلُوعًا عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلٍ، وَإِنَّمَا وَضَعَ اللَّهُ عَنْ الْمُحَارِبِينَ إذَا تَابُوا حَدَّ الْحِرَابَةِ حَقَّ الْإِمَامِ، وَإِنَّهُ لَا يُوضَعُ عَنْهُمْ حُقُوقُ النَّاسِ وَإِنَّمَا هَؤُلَاءِ الْخَوَارِجُ قَاتَلُوا عَلَى دِينٍ يَرَوْنَ أَنَّهُ صَوَابٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَتْلَى الْخَوَارِجِ أَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الْقَدَرِيَّةِ وَالْإِبَاضِيَّةِ: لَا يُصَلَّى عَلَى مَوْتَاهُمْ وَلَا تُشْهَدُ جَنَائِزُهُمْ وَلَا تُعَادُ مَرَضَاهُمْ، فَإِذَا قُتِلُوا فَأَحْرَى أَنْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: ذَكَرْت الْخَوَارِجَ وَاجْتِهَادَهُمْ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَا عِنْدَهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَيْسُوا بِأَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ثُمَّ هُمْ يَضِلُّونَ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ: أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ خَرَجَتْ فَنَازَعُوا عَلِيًّا وَفَارَقُوهُ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالشِّرْكِ.

ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، إذْ أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: اعْدِلْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَيْلَك وَمَنْ يَعْدِلُ إذَا لَمْ أَعْدِلْ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إنْ لَمْ أَعْدِلْ فَقَالَ عُمَرُ: ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيهِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ، فَقَالَ: دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يُنْظَرُ إلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى نَضِيِّهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ الْقِدْحُ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ يَخْرُجُونِ عَلَى خَيْرِ فِرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْت هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَوُجِدَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْت إلَيْهِ عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي نَعَتَ.

ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>