للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَرَجُهَا هَذَا الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّك عَلَى مَا يَجُوزُ مِنْهَا.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْخَفِيفُ الَّذِي لَا يُنْقِصُ مَشْيَهَا وَلَا تَعَبَ عَلَيْهَا فِيهِ وَهِيَ تَسِيرُ بِسَيْرِ الْغَنَمِ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ، فَأَرَى ذَلِكَ خَفِيفًا كَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت أُضْحِيَّةً وَهِيَ سَمِينَةٌ، فَعَجِفَتْ عِنْدِي أَوْ أَصَابَهَا عَمًى أَوْ عَوَرٌ، أَيُجْزِئُنِي أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْزِئُك، وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا اشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَأَصَابَهَا عِنْدَهُ عَيْبٌ أَوْ اشْتَرَاهَا بِذَلِكَ الْعَيْبِ لَمْ يُجْزِهِ، فَهِيَ لَا تُجْزِئُهُ إذَا كَانَ أَصَابَهَا ذَلِكَ بَعْدَ الشِّرَاءِ.

قُلْتُ: لِمَ قَالَ مَالِكٌ هَذَا فِي الضَّحَايَا؟ وَقَالَ فِي الْهَدْيِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ إذَا اشْتَرَاهَا صَحِيحَةً ثُمَّ عَمِيَتْ أَنْ يَنْحَرَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَالتَّطَوُّعِ.

قُلْتُ: فَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الضَّحَايَا وَالْهَدْيِ، قَالَ: لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْهَدْيَ إذَا ضَلَّ مِنْهُ ثُمَّ أَبْدَلَهُ بِغَيْرِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَحَرَهُ وَلَمْ يَكُنْ مَا أَبْدَلَ مَكَانَهُ يَضَعُ عَنْهُ نَحَرَهُ، قَالَ: وَإِنَّ الضَّحِيَّةَ لَوْ ضَلَّتْ مِنْهُ ثُمَّ أَبْدَلَهَا بِغَيْرِهَا ثُمَّ أَصَابَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ذَبْحُهَا وَكَانَتْ مَالًا مِنْ مَالِهِ فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يُبْدِلْ أُضْحِيَّتَهُ هَذِهِ الَّتِي ضَاعَتْ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ ثُمَّ أَصَابَهَا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ كَيْفَ يَصْنَعُ بِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهَا شَيْئًا، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ إذَا وَجَدَهَا وَقَدْ ضَحَّى بِبَدَلِهَا: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا، فَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ لَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَهَا إذَا أَصَابَهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ أَبْدَلَهَا وَقَدْ مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ فَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُضَحِّيَ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ تَرَكَ الْأُضْحِيَّةَ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهَا فَلَمْ يُضَحِّ بِهَا حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ وَلَمْ تَضِلَّ مِنْهُ؟ قَالَ: هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، وَهَذَا رَجُلٌ قَدْ أَثِمَ حِينَ لَمْ يُضَحِّ بِهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ سُرِقَتْ أُضْحِيَّتَهُ أَوْ مَاتَتْ أَعَلَيْهِ الْبَدَلُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا ضَلَّتْ أَوْ مَاتَتْ أَوْ سُرِقَتْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ أُضْحِيَّةً أُخْرَى.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَرَادَ ذَبْحَ أُضْحِيَّتِهِ فَاضْطَرَبَتْ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا أَوْ اضْطَرَبَتْ فَأَصَابَ السِّكِّينُ عَيْنَهَا فَذَهَبَ عَيْنُهَا أَيُجْزِئُهُ أَنْ يَذْبَحَهَا وَإِنَّمَا أَصَابَهَا ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الذَّبْحِ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا إلَّا مَا أَخْبَرْتُك وَأَرَى أَنْ لَا يُجْزِئَ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>