قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَإِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَشَى فِيمَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. فَأَتَى الْمَدِينَةَ فَرَكِبَ فِي حَوَائِجِهِ أَوْ رَجَعَ مِنْ الطَّرِيقِ فِي حَاجَةٍ لَهُ ذَكَرَهَا فِيمَا قَدْ مَشَى. قَالَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَ فِيهَا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي نُحِبُّ وَنَأْخُذُ بِهِ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَسْأَلُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيَ مِائَةَ مَرَّةٍ إلَى الْكَعْبَةِ، فَقَالَ سَالِمٌ: لِيَمْشِ مِائَةَ مَرَّةٍ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ عَشْرَ مَرَّاتٍ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ، قَالَ: أَرَى أَنْ يُوفِيَ بِنَذْرِهِ وَذَلِكَ الَّذِي كَانَ يَقُولُهُ الصَّالِحُونَ وَيَأْمُرُونَ بِهِ وَيَجِدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ إذَا قَالُوا غَيْرَ ذَلِكَ لِمَنْ نَذَرَ نَذْرًا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ غَيْرَ وَفَاءِ الَّذِي جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الَّذِي يَحْلِفُ بِنُذُورٍ مُسَمَّاةٍ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ أَخَاهُ أَوْ أَبَاهُ بِكَذَا وَكَذَا نَذْرًا لِشَيْءٍ لَا يَقْوَى عَلَيْهِ. وَلَوْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ كُلَّ عَامٍ لَعَرَفَ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ عُمْرُهُ مَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ. فَقِيلَ لَهُ هَلْ يُجْزِئُهُ مِنْ ذَلِكَ نَذْرٌ وَاحِدٌ أَوْ نُذُورٌ مُسَمَّاةٌ؟ فَقَالَ: مَا أَعْلَمُهُ يُجْزِئُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الْوَفَاءُ بِمَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ فَلْيَمْشِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ الزَّمَانِ وَلْيَتَقَرَّبْ إلَى اللَّهِ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ الْخَيْرِ، وَقَالَهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَحْلِفَانِ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، إنَّهُ مَنْ مَشَى لَمْ يَزَلْ يَمْشِي حَتَّى يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَإِذَا سَعَى فَقَدْ فَرَغَ إنْ كَانَ مُعْتَمِرًا وَإِنْ كَانَ حَاجًّا لَمْ يَزَلْ يَمْشِي حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الْمَنَاسِكِ كُلِّهَا، وَذَلِكَ الَّذِي عَلَيْهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْإِفَاضَةِ فَقَدْ فَرَغَ وَتَمَّ نَذْرُهُ.
قَالَ اللَّيْثُ: مَا رَأَيْتُ النَّاسَ إلَّا عَلَى ذَلِكَ.
قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ إذَا هُوَ خَرَجَ مَاشِيًا فِي مَشْيٍ وَجَبَ عَلَيْهِ، أَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ فِي الْمَنَاهِلِ فِي حَوَائِجِهِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَ فِي حَوَائِجِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَلَيْسَ حَوَائِجُهُ فِي الْمَنَاهِلِ مِنْ مَشْيِهِ.
قُلْتُ لَهُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ إذَا ذَكَرَ حَاجَةً نَسِيَهَا أَوْ سَقَطَ بَعْضُ مَتَاعِهِ أَيَرْجِعُ فِيهَا رَاكِبًا؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute