للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفِعْلَ فَقَدْ يَسْقُطُ عَنْهُ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ مَا نَذَرَ لَهُ مِمَّا سَمَّى. وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ لِنَذْرِهِ مَخْرَجًا فَهُوَ عَلَى مَا فَسَّرْت لَك يُكَفِّرُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ.

قَالَ: وَمَنْ نَذَرَ فِي شَيْءٍ مَنْ مَعَاصِي اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَقَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ أَوْ إنْ لَمْ أَقْتُلْ فُلَانًا أَوْ إنْ لَمْ أَزْنِ بِفُلَانَةَ أَوْ مَا كَانَ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ نَذْرَهُ فِي ذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَفْعَلْ فَالْكَفَّارَةُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إنْ لَمْ يَجْعَلْ لِنَذْرِهِ مَخْرَجًا يُسَمِّيه وَلَا يَرْكَبُ مَعَاصِيَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ جَعَلَ لِنَذْرِهِ مَخْرَجَ شَيْءٍ مُسَمًّى مِنْ مَشْيٍ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ صِيَامٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ أَنْ يَفْعَلَ مَا سُمِّيَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَرْكَبُ مَعَاصِيَ اللَّهِ، فَإِنْ اجْتَرَأَ عَلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَفَعَلَ مَا قَالَ مِنْ الْمَعْصِيَةِ فَإِنَّ النَّذْرَ يَسْقُطُ عَنْهُ، كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَاَللَّهُ حَسِيبُهُ. قَالَ: وَقَوْلُهُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ. مِثْلُ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ أَشْرَبَ الْخَمْرَ، أَوْ قَالَ: عَلَيَّ نَذْرٌ شُرْبُ الْخَمْرِ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ وَاحِدَةٍ، فَلَا يَشْرَبُهَا، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَقَدْ كَذَبَ؛ لَيْسَ شُرْبُ الْخَمْرِ مِمَّا يُنْذَرُ لِلَّهِ وَلَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ. قَالَ: فَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ أَشْرَبَ الْخَمْرَ. فَلَا يَشْرَبُهَا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى بِرٍّ إلَّا أَنْ يَجْتَرِئَ عَلَى اللَّهِ فَيَشْرَبُهَا فَيُكَفِّرُ يَمِينَهُ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا سَمَّاهُ وَأَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَعَ مَا سَمَّى مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ شَرِبَهَا.

قَالَ: وَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ أَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا بِشَيْءٍ لَيْسَ لِلَّهِ بِطَاعَةٍ وَلَا مَعْصِيَةٍ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَمْشِيَ إلَى السُّوقِ أَوْ إلَى بَيْتِ فُلَانٍ، أَوْ أَنْ أَدْخُلَ الدَّارَ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ الَّتِي لَيْسَتْ لِلَّهِ بِطَاعَةٍ وَلَا لِلَّهِ فِي فِعْلِهَا مَعْصِيَةٌ، فَإِنَّهُ إنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا وَفَاءَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا نَذْرَ فِيهِ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ لِأَنَّ الَّذِي تَرَكَ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ طَاعَةٌ فَيَكُونُ مَا تَرَكَ مِنْ ذَلِكَ حَقًّا لِلَّهِ تَرَكَهُ فَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» .

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ: وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ وَابْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَطَاوُسٌ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنَانِيُّ وَعَمْرُو بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَخَطَبَ فَجَاءَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي إسْرَائِيلَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ قَائِمًا فِي الشَّمْسِ، فَقَالَ: مَا شَأْنُ أَبِي إسْرَائِيلَ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ: اسْتَظِلَّ وَتَكَلَّمْ وَاقْعُدْ وَصَلِّ وَأَتِمَّ صَوْمَك» . وَقَالَ طَاوُسٌ فِي الْحَدِيثِ فَنَهَاهُ عَنْ الْبِدَعِ وَأَمَرَهُ بِالصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>