للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمْ فَأَوْصَى إلَى وَصِيٍّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَخَّرَهُ الْوَصِيُّ قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ.

قَالَ مَالِكٌ فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ كِبَارٌ لَمْ أَرَ ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا يُؤَخِّرُهُ فِي مَالٍ لَيْسَ يَجُوزُ قَضَاؤُهُ فِيهِ.

قُلْتُ: أَيَجُوزُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْغُرَمَاءَ وَلَا يَحْنَثُ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، أَرَى فِيهِ ذَلِكَ جَائِزًا إذَا كَانَ دَيْنُهُمْ لَا يَسَعُهُ مَالُ الْمَيِّتِ وَأَبْرَءُوا ذِمَّةَ الْمَيِّتِ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا، أَوْ لَيَلْبَسَنَّ هَذِهِ الثِّيَابَ أَوْ لَيَرْكَبَنَّ هَذِهِ الدَّوَابَّ غَدًا فَمَاتَتْ الدَّوَابُّ وَسُرِقَ الطَّعَامُ وَالثِّيَابُ قَبْلَ غَدٍ؟

قَالَ: لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: لَوْ أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ لَيَضْرِبَنَّ غُلَامَهُ إلَى أَجَلٍ سَمَّاهُ فَمَاتَ الْغُلَامُ قَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي امْرَأَتِهِ طَلَاقٌ، لِأَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ عَلَى بِرٍّ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ فِي الْمَوْتِ، وَأَمَّا لِسَرِقَةٍ فَهُوَ حَانِثٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى إلَّا أَنْ يُسْرَقَ أَوْ يُؤْخَذَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ غَدًا وَقَدْ مَاتَ فُلَانٌ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ أَيَحْنَثُ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا وَقَعَتْ يَمِينُهُ عَلَى الْوَفَاءِ. وَقَالَ لِي مَالِكٌ فِي الَّذِي يَحْلِفُ لَيُوَفِّيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ فَيَمُوتُ أَنَّهُ يُعْطِي ذَلِكَ وَرَثَتَهُ.

قُلْتُ: وَلِمَ لَا يَكُونُ هَذَا عَلَى بِرٍّ وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يُوَفِّ الْوَرَثَةَ فَلِمَ لَا يَكُونُ عَلَى بِرٍّ كَمَا قُلْتَ عَنْ مَالِكٍ فِي الَّذِي يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ إلَى أَجَلٍ يُسَمِّيهِ فَيَمُوتُ الْعَبْدُ قَبْلَ الْأَجَلِ؟

قُلْتُ: هُوَ عَلَى بِرٍّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ يَمِينِهِ فَلِمَ لَا يَكُونُ هَذَا الَّذِي حَلَفَ لَيُوَفِّيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ؟

قَالَ: لِأَنَّ هَذَا أَصْلُ يَمِينِهِ عَلَى الْوَفَاءِ، وَالْوَرَثَةُ هَاهُنَا فِي الْوَفَاءِ مَقَامُ الْمَيِّتِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا وَكَّلَ وَكِيلًا بِقَبْضِ الْمَالِ أَوْ غَابَ عَنْهُ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ فَدَفَعَ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ أَنَّ ذَلِكَ مَخْرَجٌ لَهُ وَاَلَّذِي حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ غُلَامَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَضْرِبَ غَيْرَ عَبْدِهِ

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ دِينَارٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ يَتِيمٌ وَكَانَ يَلْعَبُ بِالْحَمَامَاتِ وَأَنَّ وَلِيَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَلَيَذْبَحَنَّ حَمَامَاتِهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ، فَقَامَ مَكَانَهُ حِينَ حَلَفَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ إلَى مَوْضِعِ الْحَمَامَاتِ لِيَذْبَحَهَا فَوَجَدَهَا مَيِّتَةً كُلَّهَا، كَانَ الْغُلَامُ قَدْ سَجَنَهَا فَمَاتَتْ وَظَنَّ وَلِيُّهُ حِينَ حَلَفَ أَنَّهَا حَيَّةٌ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ بِالْمَدِينَةِ إلَّا رَأَى أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْرِطْ وَإِنَّمَا حَلَفَ عَلَى وَجْهِ إنْ أَدْرَكَهَا حَيَّةً وَرَأَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنَّ ذَلِكَ وَجْهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ فُلَانًا بِعِتْقِ رَقِيقِهِ فَحُبِسَتْ عَلَيْهِ الرَّقِيقُ وَمَنَعَتْهُ مَنْ الْبَيْعِ لِيَبْرَأَ وَيَحْنَثَ، فَمَاتَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَالْحَالِفُ صَحِيحٌ؟

قَالَ: إنْ لَمْ يَضْرِبْ لِذَلِكَ أَجَلًا فَالرَّقِيقُ أَحْرَارٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ حِينَ مَاتَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>