وَلَا بَأْسَ أَنْ تَلْبَسَ مِنْ الْحَرِيرِ الْأَبْيَضَ.
قُلْتُ: فَهَلْ تَدْهُنُ الْحَادَّةُ رَأْسَهَا بِالزِّئْبَقِ أَوْ بِالْخُبْزِ أَوْ بِالْبَنَفْسَجِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَدْهُنُ الْحَادُّ إلَّا بِالْخَلِّ الشَّيْرَجِ أَوْ بِالزَّيْتِ وَلَا تَدْهُنُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَدْهَانِ الْمُزَيِّنَةِ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا تَمْتَشِطُ بِشَيْءٍ مِنْ الْحِنَّاءِ وَلَا الْكَتَمِ وَلَا شَيْءٍ مِمَّا يَخْتَمِرُ فِي رَأْسِهَا.
قَالَ مَالِكٌ: إنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ تَقُولُ: تَجْمَعُ الْحَادُّ رَأْسَهَا بِالسِّدْرِ قَالَ: وَسُئِلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَتَمْتَشِطُ بِالْحِنَّاءِ؟ فَقَالَتْ: لَا وَنَهَتْ عَنْهُ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ تَمْتَشِطَ بِالسِّدْرِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا لَا يَخْتَمِرُ فِي رَأْسِهَا.
قُلْتُ: فَهَلْ تَلْبَسُ الْحَادُّ الْبَيَاضَ الْجَيِّدَ الرَّقِيقَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَهَلْ تَلْبَسُ الْحَادُّ الشَّطَوِيَّ وَالْقَصِيَّ وَالْفَرْقِيَّ وَالرَّقِيقَ مِنْ الثِّيَابِ؟ فَلَمْ يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا وَوَسَّعَ فِي الْبَيَاضِ كُلِّهِ لِلْحَادِّ رَقِيقِهِ وَغَلِيظِهِ، قُلْتُ: أَرَأَيْت الْحَادَّ أَتَكْتَحِلُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِغَيْرِ زِينَةٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَكْتَحِلُ الْحَادُّ إلَّا أَنْ تُضْطَرَّ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ اُضْطُرَّتْ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْحَادَّ إذَا لَمْ تَجِدْ إلَّا ثَوْبًا مَصْبُوغًا أَتَلْبَسُهُ وَلَا تَنْوِي بِهِ الزِّينَةَ أَمْ لَا تَلْبَسُهُ؟
قَالَ: إذَا كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ تَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ بِهِ لَمْ أَرَ لَهَا أَنْ تَلْبَسَهُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ لَا تَجِدُ الْبَدَلَ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَلْبَسَهُ إذَا اُضْطُرَّتْ إلَيْهِ لِعُرْيٍ يُصِيبُهَا وَهَذَا رَأْيِي لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْمَصْبُوغِ كُلِّهِ الْجِبَابِ وَالْكَتَّانِ وَالصُّوفِ الْأَخْضَرِ وَالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ: إنَّهَا لَا تَلْبَسُهُ إلَّا أَنْ تُضْطَرَّ لَهُ، فَمَعْنَى الضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ تَجِدْ الْبَدَلَ، فَإِنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ تَجِدُ الْبَدَلَ فَلَيْسَتْ مُضْطَرَّةً إلَيْهِ.
سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَاللَّيْثِ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُمْ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ حَدَّثَتْهُ عَنْ حَفْصَةَ أَوْ عَائِشَةَ أَوْ عَنْ كِلْتَيْهِمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ أَوْ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا عَلَى زَوْجِهَا» سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تُوُفِّيَ أَبُو سُفْيَانَ أَبُوهَا فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute