قَدْ وَكَّلَتْ مَنْ عَقَدَ نِكَاحَهَا قُلْتُ: أَلَيْسَ وَإِنْ هِيَ وَكَّلَتْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فَاسِدًا وَإِنْ أَجَازَهُ وَالِدُ الْجَارِيَةِ؟
قَالَ: قَدْ جَاءَ هَذَا وَهَذَا حَدِيثٌ لَوْ كَانَ صَحِبَهُ عَمَلٌ، حَتَّى يَصِلَ ذَلِكَ إلَى مَنْ عَنْهُ حَمَلْنَا وَأَدْرَكْنَا وَعَمَّنْ أَدْرَكُوا لَكَانَ الْأَخْذُ حَقًّا، وَلَكِنَّهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ مِمَّا لَا يَصْحَبُهُ عَمَلٌ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الطِّيبِ فِي الْإِحْرَامِ، وَفِيمَا جَاءَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ حَدَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ وَقَطَعَهُ عَلَى الْإِيمَانِ» وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ أَشْيَاءُ ثُمَّ لَمْ يَسْتَنِدْ وَلَمْ يَقْوَ وَعُمِلَ بِغَيْرِهَا وَأَخَذَ عَامَّةُ النَّاسِ وَالصَّحَابَةُ بِغَيْرِهَا فَبَقِيَ غَيْرَ مُكَذَّبٍ بِهِ وَلَا مَعْمُولٍ بِهِ وَعُمِلَ بِغَيْرِهِ مِمَّا صَحِبَتْهُ الْأَعْمَالُ وَأَخَذَ بِهِ تَابِعُو النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الصَّحَابَةِ، وَأُخِذَ مِنْ التَّابِعِينَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَكْذِيبٍ وَلَا رَدٍّ لِمَا جَاءَ وَرُوِيَ، فَيُتْرَكُ مَا تُرِكَ الْعَمَلُ بِهِ وَلَا يُكَذَّبُ بِهِ، وَيُعْمَلُ بِمَا عُمِلَ بِهِ وَيُصَدَّقُ بِهِ، وَالْعَمَلُ الَّذِي ثَبَتَ وَصَحِبَتْهُ الْأَعْمَالُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةُ إلَّا بِوَلِيٍّ» ، وَقَوْلُ عُمَرَ لَا تَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةُ إلَّا بِوَلِيٍّ وَأَنَّ عُمَرَ فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَوَّجَهَا غَيْرُ وَلِيٍّ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَفَرَّقَ السُّلْطَانُ بَيْنَهُمَا، فَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ السُّلْطَانِ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ مَكَانَهَا أَلَيْسَ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ مَكَانَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، إذَا كَانَ ذَلِكَ النِّكَاحُ صَوَابًا، وَلَا يَكُونُ سَفِيهًا أَوْ مَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ سَحْنُونٌ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهَا فِي الْغِنَى وَالْيَسَارِ؟
قَالَ: يُزَوِّجُهَا وَلَا يَنْظُرُ فِي هَذَا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ دُونَهَا فِي الْحَسَبِ؟
قَالَ: يُزَوِّجُهَا وَلَا يَنْظُرُ فِي هَذَا إذَا كَانَ مَرْضِيًّا فِي دِينِهِ وَحَالِهِ وَعَقْلِهِ وَهَذَا رَأْيِي
قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَلِيِّ، فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا هِيَ نَفْسُهَا إلَى السُّلْطَانِ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ الْوَلِيُّ، أَيَكُونُ لَهَا مَا يَكُونُ لِلْوَلِيِّ مِنْ التَّفْرِقَةِ أَمْ لَا وَقَدْ كَانَتْ وَلَّتْ رَجُلًا أَمَرَهَا؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى أَنْ يَنْظُرَ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَوْ شَاءَ الْوَلِيُّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا فَفَرَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ تَرَكَهُ، وَبَعَثَ إلَيْهِ إنْ كَانَ قَرِيبًا فَيُفَرِّقُ أَوْ يَتْرُكُ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مِنْ اجْتِهَادِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ رَأَى التَّرْكَ خَيْرًا لَهَا تَرَكَهَا وَإِنْ رَأَى الْفُرْقَةَ خَيْرًا لَهَا فَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ سَحْنُونٌ وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْوَلِيَّ إنْ كَانَ بَعِيدًا لَا يُنْتَظَرُ فِي الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ إذَا أَرَادَتْ النِّكَاحَ قُدُومُهُ، فَالسُّلْطَانُ الْمُوَلَّى، وَيَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَيَعْقِدَ نِكَاحَهَا إذَا أَرَادَتْ عَقْدًا مُبْتَدَأً وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ عَلَى نِكَاحِ عَقْدِهِ غَيْرُ وَلِيٍّ فِي ذَاتِ الْقَدْرِ وَالْحَالِ
قُلْتُ: أَرَأَيْت الَّتِي تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ أَمْرِ وَلِيٍّ فَأَبَى الْوَلِيُّ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَتَكُونُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ غَيْرِ السُّلْطَانِ أَمْ لَا؟
قَالَ: أَرَى أَنَّ الْفُرْقَةَ فِي مِثْلِ هَذَا لَا تَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute