للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ قَبَضَتْ مِنْهُ الْمَهْرَ كُلَّهُ فَوَهَبَتْ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ بَعْدَمَا قَبَضَتْهُ أَوْ وَهَبَتْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا أَيَكُونُ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا شَيْءٌ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ سَوَاءٌ وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا: قَبَضَتْهُ ثُمَّ وَهَبَتْهُ، أَوْ وَهَبَتْهُ لِلزَّوْجِ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ رَجَعَ إلَى الزَّوْجِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ مَهْرُهَا مِائَةَ دِينَارٍ فَقَبَضَتْ مِنْهُ أَرْبَعِينَ دِينَارًا أَوْ وَهَبْت لَهُ سِتِّينَ دِينَارًا قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَ السِّتِّينَ أَوْ بَعْدَمَا قَبَضَتْ السِّتِّينَ أَوْ قَبَضَتْ سِتِّينَ وَوَهَبَتْ أَرْبَعِينَ بِحَالِ مَا وَصَفْت لَكَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَرْجِعُ عَلَيْهَا الزَّوْجُ بِنِصْفِ مَا قَبَضَتْ مِنْهُ فَيَأْخُذُهُ مِنْهَا وَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَيْهَا فِي الَّذِي وَهَبَتْ لَهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ قَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَهِيَ مِمَّنْ يَجُوزُ قَضَاؤُهَا فِي مَالِهَا فَوَهَبَتْ مَهْرَهَا لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْ الزَّوْجِ وَقَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا الزَّوْجُ أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي هِبَةِ الْمَرْأَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ: إنَّهُ يَجُوزُ مَا صَنَعَتْ فِي ثُلُثِ مَالِهَا: إنْ كَانَ ثُلُثُ مَالِهَا يَحْمِلُ ذَلِكَ جَازَتْ هِبَتُهَا هَذِهِ، وَإِنْ كَانَ ثُلُثُ مَالِهَا لَا يَحْمِلُ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، كَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ صَنَعَتْهُ الْمَرْأَةُ ذَاتُ الزَّوْجِ فِي مَالِهَا.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ ثُلُثُ مَالِهَا يَحْمِلُ ذَلِكَ؟

قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ يَجُوزُ أَمْرُهَا.

قُلْتُ: فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ دَفَعَ الْهِبَةَ زَوْجُهَا إلَى هَذَا الْأَجْنَبِيِّ، أَيَكُونُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَحْبِسَ نِصْفَ ذَلِكَ الصَّدَاقِ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُعْسِرَةً يَوْمَ طَلَّقَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ طَلَّقَهَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَحْبِسَ مِنْ الصَّدَاقِ شَيْئًا عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَكِنْ يَدْفَعُ جَمِيعَ الصَّدَاقِ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ ذَلِكَ عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا مُيْسِرَةٌ يَوْمَ طَلَّقَهَا وَإِنَّمَا كَانَ أَوْلَى بِنِصْفِ الصَّدَاقِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُعْسِرَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَهَبَتْ الْمَرْأَةُ مَهْرَهَا لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ فَدَفَعَهُ الزَّوْجُ إلَى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ - وَالْمَرْأَةُ مِمَّنْ تَجُوزُ هِبَتُهَا وَثُلُثُهَا يَحْمِلُ ذَلِكَ - فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا، أَيَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِشَيْءٍ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي رَأْيِي بِشَيْءٍ، وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ دَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لِلْأَجْنَبِيِّ يَوْمَ دَفَعَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ حِينَ دَفَعَهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُيْسِرَةً يَوْمَ وَهَبَتْ هَذَا الصَّدَاقَ، فَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى الزَّوْجِ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ، أَوْ تَكُونُ مُعْسِرَةً فَأَنْفَذَ ذَلِكَ الزَّوْجُ حِينَ دَفَعَهُ إلَى هَذَا الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ شَاءَ لَمْ يُجِزْهُ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى هَذَا الْأَجْنَبِيِّ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَإِنَّمَا إجَازَتُهُ هِبَتَهَا مَهْرَهَا إذَا كَانَتْ مُعْسِرَةً بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَصَدَّقَتْ بِمَالِهَا كُلِّهِ فَأَجَازَهُ لَهَا، وَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ إنَّهَا إذَا تَصَدَّقَتْ وَهِيَ مُيْسِرَةٌ ثَبَتَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ وَصَارَتْ صَدَقَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>