إذَا كَانَ الْوَلِيُّ مِمَّنْ يَجُوزُ أَمْرُهُ أَوْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ يَجُوزُ أَمْرُهَا بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فَتَرَاضَيَا عَلَى صَدَاقٍ بَعْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ قَبْلَ الْمَسِيسِ أَوْ بَعْدَ الْمَسِيسِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَيَكُونُ صَدَاقُهَا هَذَا الَّذِي تَرَاضَيَا عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ صَدَاقُهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَا تَنْقُصُ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا بِأَبٍ أَوْ وَصِيٍّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا؟
قَالَ: النِّكَاحُ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَيُفْرَضُ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى صَدَاقٍ، فَلَهَا الْمُتْعَةُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى صَدَاقٍ، فَلَا مُتْعَةَ لَهَا وَلَا صَدَاقَ وَلَهَا الْمِيرَاثُ.
قُلْتُ: وَلِمَ جَوَّزَتْ هَذَا وَلَمْ تُجَوِّزْ الْهِبَةَ إذَا لَمْ يَكُونُوا سَمَّوْا الْهِبَةَ صَدَاقًا؟
قَالَ: أَمَّا الْهِبَةُ عِنْدَنَا كَأَنَّهُ قَالَ قَدْ زَوَّجْتُكهَا فَلَا صَدَاقَ وَلَهَا الْمِيرَاثُ، فَهَذَا لَا يَصْلُحُ وَلَا يُقَرُّ هَذَا النِّكَاحُ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَيَثْبُتُ النِّكَاحَ. سَحْنُونٌ وَقَدْ كَانَ قَالَ: يُفْسَخُ، وَإِنْ دَخَلَ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ امْرَأَةٍ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِرَجُلٍ، قَالَ: لَا تَحِلُّ هَذِهِ الْهِبَةُ فَإِنَّ اللَّهَ خَصَّ بِهَا نَبِيَّهُ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ أَصَابَهَا فَعَلَيْهَا الْعُقُوبَةُ وَأَرَاهُمَا قَدْ أَصَابَا مَا لَا يَحِلُّ لَهُمَا، فَنَرَى لَهَا الصَّدَاقَ مِنْ أَجْل مَا يُرَى بِهِمَا مِنْ الْجَهَالَةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. ابْنُ وَهْبٍ قَالَ يُونُسُ وَقَالَ رَبِيعَةُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَتُعَاضُ وَهَبَتْ نَفْسَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَهْلُهَا فَمَسَّهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالُوا قَدْ أَنْكَحْنَاكَ فُلَانَة بِغَيْرِ صَدَاقٍ فَدَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا؟
قَالَ: إنْ دَخَلَ بِهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَكَانَ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَهَذَا رَأْيِي وَاَلَّذِي اسْتَحْسَنْتُ، وَقَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ مَفْسُوخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الدُّخُولِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُمَا قَالَا فِي الَّذِي يَمُوتُ وَلَمْ يَفْرِضْ لِامْرَأَتِهِ أَنَّ لَهَا الْمِيرَاثَ مِنْ زَوْجِهَا وَلَا صَدَاقَ لَهَا، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَابْنِ شِهَابٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَيَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ وَرَبِيعَةَ وَعَطَاءٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَغَيْرِهِمْ: وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. ابْنُ وَهْبٍ ذَكَر حَدِيثَ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَاسْتُفْتِيَ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَفُوِّضَ إلَيْهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ شَيْئًا فَمَاتَ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا وَمَسَّهَا، قَالَ: لَهَا الصَّدَاقُ مِثْلَ الْمَرْأَةِ مِنْ نِسَائِهَا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ: إنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا مِثْلُ صَدَاقِ بَعْضِ نِسَائِهَا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute