أَيْضًا لِمَ قُلْتُمُوهُ إنَّ النَّصْرَانِيَّ إذَا أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ أَمْلَكُ بِهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ مُسْلِمَةٍ ابْتِدَاءً وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] قَالَ: جَاءَتْ الْآثَارُ أَنَّهُ أَمْلَكُ بِهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا إنْ هُوَ أَسْلَمَ وَقَامَتْ بِهِ السُّنَنُ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَلَيْسَ لِمَا قَامَتْ بِهِ السُّنَّةُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيَاسٌ وَلَا نَظَرٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا تَزَوَّجَ صَبِيَّةً نَصْرَانِيَّةً زَوَّجَهَا أَبُوهَا فَأَسْلَمَ الزَّوْجُ قَالَ: هُمَا عَلَى النِّكَاحِ فِي رَأْيِي.
قُلْتُ: فَإِنْ بَلَغَتْ الصَّبِيَّةُ أَيَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا خِيَارَ لَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْأَبَ هُوَ زَوَّجَهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصَّبِيَّ الذِّمِّيَّ يُزَوِّجُهُ أَبُوهُ ذِمِّيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً فَيُسْلِمُ الصَّبِيُّ أَيَكُونُ إسْلَامُ الصَّبِيِّ إسْلَامًا تَقَعُ فِيهِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى الْفُرْقَةَ تَقَعُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَثْبُتَ عَلَى إسْلَامِهِ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَهُوَ مُسْلِمٌ فَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ تُسْلِمَ عِنْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ لَمْ أَقْتُلْهُ بِارْتِدَادِهِ ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَجُوسِيَّيْنِ إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَفَرَّقْت بَيْنَهُمَا، أَيَكُونُ نِصْفُ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَلَا تَرَى أَنَّ هَذَا فَسْخٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا وَذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِامْرَأَتِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ وَإِنْ كَانَ قَدْ سَمَّى لَهَا صَدَاقَهَا وَلَا مُتْعَةَ لَهَا؟
قَالَ: نَعَمْ لَا صَدَاقَ لَهَا وَلَا مُتْعَةَ لَهَا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا وَهُمَا ذِمِّيَّانِ فَأَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَقَدْ دُخِلَ بِهِمَا، أَوْ كَانَا مَجُوسِيَّيْنِ فَأَسْلَمَ الزَّوْجُ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ فَرَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا، أَيَكُونُ لَهَا السُّكْنَى فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ حِينَ أَسْلَمَتْ كَانَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ إنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا، وَلِأَنَّ الْمَجُوسِيَّ إذَا أَسْلَمَ اتَّبَعَهُ وَلَدُهُ مِنْهَا، فَأَرَى السُّكْنَى عَلَيْهِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا اتَّبَعَهُ مَا فِي بَطْنِهَا وَإِنَّمَا حُبِسَتْ مِنْ أَجْلِهِ فَأَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الَّذِي يَتَزَوَّجُ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا، إنَّ لَهَا السُّكْنَى إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فَسْخًا فَكَذَلِكَ أَيْضًا الَّذِي سَأَلْت عَنْهُ لَهَا السُّكْنَى؛ لِأَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ زَوْجِهَا، وَاَلَّذِي سَأَلْتَ عَنْهُ أَقْوَى مِنْ هَذَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ خَرَجَتْ إلَيْنَا فَأَسْلَمَتْ وَزَوْجُهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَتُنْكَحُ مَكَانَهَا أَمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ أَسْلَمَ نِسَاؤُهُمَا قَبْلَهُمَا وَهَاجَرْنَ وَهَرَبَ عِكْرِمَةُ إلَى أَرْضِ الشِّرْكِ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَرَدَّهَا إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نِكَاحِهِ الْأَوَّلِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ