للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: كَانَ مَالِكٌ مَرَّةً يَقُولُ ذَلِكَ لَهَا مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهِمَا، فَإِنْ تَفَرَّقَا فَلَا شَيْءَ لَهَا، قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُك بِيَدِكِ ثُمَّ وَثَبَ فَارًّا يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بِذَلِكَ عَنْهَا مَا جَعَلَ لَهَا مِنْ التَّمْلِيكِ؟

قَالَ: لَا يَقْطَعُ ذَلِكَ عَنْهَا الَّذِي جَعَلَ لَهَا مِنْ التَّمْلِيكِ، فَقِيلَ لِمَالِكٍ: مَا حَدُّهُ عِنْدَكَ؟

قَالَ: إذَا قَعَدَ مَعَهَا قَدْرَ مَا يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا تَخْتَارُ فِي مِثْلِهِ، وَأَنَّ فِرَارَهُ مِنْهَا لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ فِرَارًا إلَّا أَنَّهُ قَامَ عَلَى وَجْهِ مَا يُقَامُ لَهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمَرْأَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَكَانَ هَذَا قَوْلُهُ قَدِيمًا ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: أَرَى ذَلِكَ بِيَدِهَا حَتَّى تُوقَفَ، قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ: كَأَنَّكَ رَأَيْته مِثْلَ الَّتِي تَقُولُ قَدْ قَبِلْتُ وَتَفَرَّقَا وَلَمْ تَقْضِ شَيْئًا؟

قَالَ: نَعَمْ، ذَلِكَ فِي يَدَيْهَا إنْ قَالَتْ فِي مَجْلِسِهَا ذَلِكَ قَدْ قَبِلْتُ أَوْ لَمْ تَقُلْ قَدْ قَبِلْتُ فَذَلِكَ فِي يَدَيْهَا حَتَّى تُوقَفَ أَوْ تُوطَأَ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَ، فَلَا شَيْءَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ اخْتَارِي، إنَّ ذَلِكَ لَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ مِثْلُ مَا يَكُونُ لَهُ فِي قَوْلِهِ لَهَا أَمْرُكِ بِيَدِكِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْخِيَارِ وَأَمْرُكِ بِيَدِكِ أَنَّهُ سَوَاءٌ فِي الَّذِي يُجْعَلُ مِنْهُ إلَى الْمَرْأَةِ، وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ إذَا تَفَرَّقَا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ إنَّ ذَلِكَ فِي يَدَيْهَا وَإِنْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، إلَّا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَ، وَأَرَى أَنْ تُوقَفَ فَإِمَّا أَنْ تَقْضِيَ وَإِمَّا أَنْ تُبْطِلَ مَا كَانَ فِي يَدَيْهَا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ كَأَنَّهُ تَفْوِيضٌ فَوَّضَهُ إلَيْهَا

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا خَيَّرَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ حَتَّى مَتَى يَكُونُ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: يَكُونُ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ فِي مِثْلِ مَا أَخْبَرْتُكَ فِي التَّمْلِيكِ إلَى أَنْ يَفْتَرِقَا، فَإِنْ تَفَرَّقَا فَلَا شَيْءَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ.

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي، فَقَالَ: إنِّي لَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ وَإِنَّمَا أَرَدْت أَنْ تَخْتَارِي أَيَّ ثَوْبٍ أَشْتَرِيه لَكِ مِنْ السُّوقِ؟ قَالَ: هَلْ كَانَ كَلَامٌ قَبْلَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى قَوْلِ الزَّوْجِ؟

قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ مِنَى بَرِيَّةٌ، وَلَا يَكُونُ قَبْلَ ذَلِكَ كَلَامٌ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ الزَّوْجِ جَوَابًا لِذَلِكَ الْكَلَامِ - إنَّهَا طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَلَا يُدَيَّنُ الزَّوْجُ فِي ذَلِكَ فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ خَيَّرَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ فَقَالَتْ قَدْ طَلَّقْتُ نَفْسِي، أَتَكُونُ وَاحِدَةً أَمْ ثَلَاثًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: تُسْأَلُ الْمَرْأَةُ عَمَّا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَوَاحِدَةً أَمْ ثَلَاثًا، فَإِنْ قَالَتْ إنَّمَا طَلَّقْتُ نَفْسِي وَاحِدَةً أَتَكُونُ وَاحِدَةً أَمْ لَا تَكُونُ شَيْئًا؟

قَالَ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَيْئًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ قَالَتْ طَلَّقْتُ نَفْسِي اثْنَتَيْنِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ طَلَاقًا؟

قَالَ: نَعَمْ، لَا يَكُونُ ذَلِكَ طَلَاقًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ قَالَتْ أَرَدْتُ بِقَوْلِي طَلَّقْتُ نَفْسِي ثَلَاثًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>