أَبَوَيْكِ، قَالَتْ: وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ: ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا} [الأحزاب: ٢٨] {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ} [الأحزاب: ٢٩] قَالَتْ: فَقُلْتُ فَفِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ مَا فَعَلْتُ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حِينَ قَالَهُ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاخْتَرْنَهُ طَلَاقًا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُنَّ اخْتَرْنَهُ» ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَدْ خَيَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاءَهُ حِينَ أَمَرَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ، فَاخْتَرْنَهُ فَلَمْ يَكُنْ تَخْيِيرُهُ طَلَاقًا، قَالَ: وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ وَابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ كُلُّهُمْ يَقُولُ إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: خَيَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاءَهُ فَقَرَرْنَ تَحْتَهُ وَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلَاقًا، وَاخْتَارَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ نَفْسَهَا فَذَهَبَتْ، قَالَ رَبِيعَةُ: فَكَانَتْ أَلْبَتَّةَ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ لِرِجَالٍ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ خَيَّرْتُ امْرَأَتِي، ثُمَّ مَضَى إلَى الْبَيْتِ فَوَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَ أَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ إذَا عَلِمَتْ وَقَدْ وَطِئَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، لَهَا أَنْ تَقْضِيَ إذَا عَلِمَتْ وَيُعَاقَبُ فِيمَا فَعَلَ مِنْ وَطْئِهِ إيَّاهَا قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَيَشْتَرِطُ لَهَا إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ تَسَرَّرَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَتَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّرَ وَهِيَ لَا تَعْلَمُ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يُعْلِمَهَا فَتَقْضِيَ أَوْ تَتْرُكَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى إنْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَ كَانَ ذَلِكَ بِيَدِهَا إذَا عَلِمَتْ تَقْضِي أَوْ تَتْرُكُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ تَحْتَ الْعَبْدِ إذَا أُعْتِقَتْ فَتُوطَأُ قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَ فَإِنَّ لَهَا الْخِيَارَ إذَا عَلِمَتْ، وَلَا يَقْطَعُ وَطْؤُهُ خِيَارَهَا إلَّا أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ عِلْمِهَا.
قُلْتُ: وَيَحُولُ مَالِكٌ بَيْنَ وَطْءِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ إذَا أُعْتِقَتْ وَهِيَ تَحْتَهُ حَتَّى تَخْتَارَ أَوْ تَتْرُكَ؟
قَالَ: نَعَمْ، قَالَ مَالِكٌ: لَهَا أَنْ تَمْنَعَهُ حَتَّى تَخْتَارَ وَتَسْتَشِيرَ، فَإِنْ أَمْكَنَتْهُ بَعْدَ الْعِلْمِ فَلَا خِيَارَ لَهَا، قَالَ سَحْنُونٌ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْهُنَّ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَذَهَبَتْ وَكَانَتْ بَدَوِيَّةً.
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ يُحَدِّث عَنْ رَبِيعَةَ وَغَيْرِهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ خَيَّرَ أَزْوَاجَهُ اخْتَارَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ نَفْسَهَا فَكَانَتْ أَلْبَتَّةَ» ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِنَحْوِ ذَلِكَ، قَالَ: وَاخْتَارَتْ الرَّجْعَةَ إلَى أَهْلِهَا وَهِيَ ابْنَةُ الضَّحَّاكِ الْعَامِرِيِّ.
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute