للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِيَةَ، ثُمَّ أَرْضَعَتْ الثَّانِيَةَ كَانَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ صَحِيحًا؟ أَوَلَا تَرَى أَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا تَقَعُ بِالرَّضَاعِ إذَا كَانَتَا جَمِيعًا فِي مِلْكِهِ بِرَضَاعِهَا الْأُخْرَى بَعْدَ الْأُولَى فَتَصِيرَانِ فِي الرَّضَاعِ إذَا وَقَعَتْ الْحُرْمَةُ كَأَنَّهُ تَزَوَّجَهُمَا فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ، قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ كَمَا قُلْت وَلَكِنَّا نَظَرْنَا إلَى عُقْدَتَيْهِمَا فَوَجَدْنَا الْعُقْدَتَيْنِ وَقَعَتَا صَحِيحَتَيْنِ فِي الصَّبِيَّتَيْنِ جَمِيعًا ثُمَّ دَخَلَ الْفَسَادُ فِي عُقْدَةٍ كَانَتْ صَحِيحَةً لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الْعُقْدَتَيْنِ جَمِيعًا فَنَظَرْنَا إلَى الَّذِي لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ فَحِلْنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَنَظَرْنَا إلَى الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ فَخَلَّيْنَاهُ لَهُ، وَقَدْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَحِلْنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدَةٍ وَأَمَرْنَا لَهُ أَنْ يَحْبِسَ وَاحِدَةً.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كُنَّ صِبْيَاتٌ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ تَزَوَّجَهُنَّ وَهُنَّ مَرَاضِعُ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ فَأَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ؟ ، قَالَ: إذَا أَرْضَعَتْ وَاحِدَةً فَهُنَّ عَلَى نِكَاحِهِنَّ، فَإِنْ أَرْضَعَتْ أُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ قِيلَ: اخْتَرْ أَيَّتَهمَا شِئْت وَفَارِقْ الْأُخْرَى، فَإِنْ فَارَقَ الْأُولَى ثُمَّ أَرْضَعَتْ الثَّالِثَةَ قُلْنَا لَهُ أَيْضًا اخْتَرْ أَيَّتَهمَا شِئْتَ وَفَارِقْ الْأُخْرَى فَإِنْ فَارَقَ الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْضَعَتْ الرَّابِعَةَ قُلْنَا لَهُ اخْتَرْ أَيَّتَهمَا شِئْتَ وَفَارِقْ الْأُخْرَى، فَيَكُونُ بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يَحْبِسَ الثَّالِثَةَ أَوْ الرَّابِعَةَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ وَالْفُرْقَةُ قَدْ وَقَعَتْ فِيمَا مَضَى قَبْلَهُمَا، فَإِنْ أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَتَتْ عَلَى جَمِيعِهِنَّ وَلَمْ يَخْتَرْ فِرَاقَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَإِنَّ هَذَا لَهُ أَنْ يَخْتَارَ فِي أَنْ يَحْبِسَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ أَيَّتُهُنَّ شَاءَ، إنْ شَاءَ أُولَاهُنَّ وَإِنْ شَاءَ أُخْرَاهُنَّ وَإِنْ شَاءَ أَوْسَطَهُنَّ يَحْبِسُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، أَيَّ ذَلِكَ أَحَبَّ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: هَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَصَبِيَّتَيْنِ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ، وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقَهَا، فَأَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ صَبِيَّةً مِنْهُمَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِالْكَبِيرَةِ مِنْهُنَّ؟ قَالَ: تَحْرُمُ الْكَبِيرَةُ وَلَا تَحْرُمُ الصَّغِيرَةُ الْمُرْضَعَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِأُمِّهَا الَّتِي أَرْضَعَتْهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ رَبَائِبِهِ اللَّاتِي لَمْ يُدْخَلْ بِأُمَّهَاتِهِنَّ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً كَبِيرَةً فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ صَبِيَّةً مُرْضَعَةً فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَتُهُ تِلْكَ الْمُطَلَّقَةُ لَمْ تَكُنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ هَذِهِ الصَّبِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الرَّبَائِبِ اللَّاتِي لَمْ يَدْخُلْ بِأُمَّهَاتِهِنَّ

قُلْتُ: أَرَأَيْت لَوْ أَنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً كَبِيرَةً وَدَخَلْت بِهَا، ثُمَّ تَزَوَّجْتُ صَبِيَّةً صَغِيرَةً تَرْضَعُ، فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَتِي الَّتِي دَخَلْت بِهَا بِلَبَنِي أَوْ بِلَبَنِهَا، فَحَرَّمَتْ عَلَيَّ نَفْسَهَا وَحَرَّمَتْ عَلَيَّ الصَّبِيَّةَ أَيَكُونُ لَهَا مِنْ مَهْرِهَا شَيْءٌ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى لَهَا مَهْرَهَا؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ بِهَا، وَلَا أَرَى لِلصَّبِيَّةِ مَهْرًا تَعَمَّدَتْ امْرَأَتُهُ الْفَسَادَ أَوْ لَمْ تَتَعَمَّدْهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ صَبِيَّةً فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ جَدَّتُهُ أَوْ ابْنَتُهُ أَوْ ابْنَةُ ابْنِهِ أَوْ امْرَأَةُ أَخِيهِ أَوْ بِنْتُ أَخِيهِ أَوْ بِنْتُ أُخْتِهِ، أَتَقَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>